نام کتاب : الرأي السديد في الاجتهاد والتقليد والاحتياط والقضاء - تقريرات نویسنده : عرفانيان اليزدي، الشيخ غلامرضا جلد : 0 صفحه : 16
استاذه و اهل العراق على مقتضى الآثار ... و هكذا تطورت مدرسة الراى و تباعدت عن طريقها الاولى بازاء نهوض الحديث و جهود المحدثين فى هذا العصر [1].
و لما حدثت فتنة خلق القرآن وقف المامون من اصحاب الحديث موقف المعارض فامتحنهم بالوان من التعذيب و البلاء و شدد فى مطاردتهم و التنكيل بهم فاثر ذلك كلّه فى بعد الشقة بين المدرستين، مدرسة الراى و مدرسة الحديث.
و قد كان اهل الحديث ناس معتدلون ياخذون بالرأى ان كان هناك فى الحديث او فى الشريعة ما يؤيده و يامر بالاخذ به و يلغون الرأى ان لم يكن فى الحديث ما يشير الى الاخذ به.
كما كان فى اهل الحديث متطرفون لا يقبلون للحديث بديلا فى الحكم و الفتوى فيعرضون عن كل شيء غير الكتاب و الحديث. حتى و ان اطمأن به العقل و صدقه و هؤلاء كانوا يلتقون فى الغالب مع الاشاعرة فى انكار العقل و الاعراض عن اى شىء ما عدا الحديث من عقل و راى.
و بذلك قامت مدرسة الحديث فى قبال مدرسة الراى، كرد فعل لما حصل لهذه المدرسة من تطرف فى الاخذ بالراى، و الاعراض عن الحديث.
و لا نستطيع ان نضع حدودا دقيقة لهذه المدرسة فى قبال مدرسة الراى و نصنّف المدارس الفقهية القائمة فى وقته على اساس من هذه الحدود الى طائفتين و لكن من المؤكد أن مدرستى داود و ابى حنيفة تقعان على طرفى هذا النزاع فقد نزع داود نزوعا بيّنا الى الحديث، و اخذ نصوصه على ظاهرها و نزع ابو حنيفة نزوعا بيّنا الى الراى، حتى نقل عنه خصومه و مناوئه فيما ينقل عنه: لو كان رسول اللّه حيا لاخذ عنى اشياء كثيرة.
و ما بين هاتين المدرستين تقع سائر المدارس متوسطة بينهما كمذهب مالك و الشافعى و احمد بن حنبل.