و ترى شياطينا تروغ مضافة # و رواغها شتّى إذا ما تطرد[5]
يلقى عليها في السّماء مذلّة # و كواكب ترمى بها فتعرّد[6]
قلنا لهؤلاء القوم: إن قدرتم على شعر جاهليّ لم يدرك مبعث النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و لا مولده فهو بعض ما يتعلّق به مثلكم، و إن كان الجواب في ذلك سيأتيكم إن شاء اللّه تعالى. فأما أشعار المخضرمين و الإسلاميّين فليس لكم في ذلك حجّة. و الجاهليّ ما لم يكن أدرك المولد، فإنّ ذلك ممّا ليس ينبغي لكم أن تتعلّقوا به. و بشر بن أبي خازم فقد أدرك الفجار، و النبي صلّى اللّه عليه و سلّم شهد الفجار، و قال: «شهدت الفجار فكنت أنبل على عمومتي و أنا غلام» [7].
و الأعلام ضروب، فمنها ما يكون كالبشارات في الكتب، لكون الصّفة إذا واقفت الصّفة التي لا يقع مثلها اتفاقا و عرضا لزمت فيه الحجة، و ضروب أخر كالإرهاص للأمر، و التأسيس له، و كالتعبيد و الترشيح[8]، فإنّه قلّ نبيّ إلاّ و قد حدثت عند مولده، أو قبيل مولده، أو بعد مولده أشياء لم يكن يحدث مثلها. و عند ذلك [1]سيذكر الجاحظ هذا البيت ص 460.
[2]العقيقة: البرق إذا رأيته وسط السحاب كأنه سيف مسلول.
[3]ديوان الأفوه الأودي 12، و الحماسة البصرية 1/49.
[4]ديوان أمية بن أبي الصلت 361.
[5]تروغ: تميل. المضاف: الخائف.
[6]التعريد: الإحجام و الفرار. التقديد: التقطيع.
[7]النهاية 3/414، 5/10، و عمدة الحفاظ 2/204 (فجر) . و انظر لحرب الفجار: الأغاني 22/54-74، و أيام العرب في الجاهلية 322-341.
[8]التعبيد: التمهيد و التذليل. الترشيح: التهيئة للشيء.
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 6 صفحه : 459