responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 5  صفحه : 49

جملة من القول في الماء

<و نذكر بعون اللّه و تأييده جملة من القول في الماء ثمّ نصير إلى ذكر ما ابتدأنا به، من القول في النار> ذكروا أن الماء لا يغذو، و إنما هو مركب و معبر و موصل للغذاء. و استدلّوا لذلك بأن كلّ رقيق سيّال فإنك متى طبخته انعقد، إلا الماء. و قالوا في القياس: إنه لا ينعقد في الجوف عند طبخ الكبد له، فإذا لم ينعقد لم يجئ منه لحم و لا عظم.

و لأننا لم نر إنسانا قطّ اغتذاه و ثبت عليه روحه، و إن السمك الذي يموت عند فقده‌[1]ليغذوه سواه مما يكون فيه دونه.

قال خصمهم: إنما صار الماء لا ينعقد؛ لأنه ليس فيه قوى مستفادة مأخوذة من قوى الجواهر. و الماء هو الجوهر القابل لجميع القوى. فبضرب من القوى و القبول يصير دهنا، و بضرب آخر يصير خلا، و بضرب آخر يصير دما، و بضرب آخر يصير لبنا.

و هذه الأمور كلها إنّما اختلفت بالقوى العارضة فيها. فالجوهر المنقلب في جميع الأجرام‌[2]السّيّالة، إنما هو الماء. فيصير عند ضرب من القبول دهنا، و عند ضرب من القبول لبنا.

و عصير كل شي‌ء ماؤه و القابل لقوى ما فيه. فإذا طبخت الماء صرفا، سالما على وجهه، و لا قوى فيه، لم ينعقد و انحلّ بخارا حتى يتفانى؛ و إنما ينعقد الكامن من الملابس له. فإذا صار الماء في البدن وحده و لم يكن فيه قوى لم ينعقد. و انعقاده إنما هو انعقاد ما فيه.

و الماء لا يخلو من بعض القبول و لكنّ البعض لا ينعقد ما لم يكثر.

و زعم أصحاب الأعراض‌[3]أن الهواء سريع الاستحالة إلى الماء، و كذلك الماء إلى الهواء، للمناسبة التي بينهما من الرطوبة و الرقة. و إنما هما غير سيّارين. و يدل على ذلك اجتذاب الهواء للماء و ملابسته له، عند مصّ الإنسان بفيه فم الشّرابة[4].

و لذلك سرى الماء و جرى في جوف قصب الخيزران، إذا وضعت طرفه في الماء.

[2]الأجرام: الأجسام.

[3]انظر الحاشية السادسة، ص 29.

[4]الشرابة: هي التي تسميها العامة سارقة الماء، أعني الأنبوبة المعطوفة المعمولة من زجاج أو غيره.

فيوضع أحد رأسيها في الماء أو غيره من الرطوبات المائية، و يمص الرأس الآخر؛ إلى أن يصل الماء إليه و ينصبّ منه، فلا يزال يسيل إلى أن ينكشف رأسه الذي في الماء. انظر مفاتيح العلوم 144، و انظر ما سيذكره الجاحظ في الصفحة 64 حيث سماها هناك «السكابة» .

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 5  صفحه : 49
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست