responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 4  صفحه : 320

و أنشد لأبي دؤاد الإياديّ‌[1]: [من الخفيف‌]

فأتاني تقحيم كعب لي المنـ # طق إن النّكيثة الإقحام‌[2]

قال: فالفزع إمّا أن يكون يوصل السمّ إلى المقاتل، و إمّا أن يكون معينا له، كتعاون الرّجلين على نزع وتد. فهم لا يجزمون على أنّ الحيّة من القواتل البتّة، إلاّ أن تقتل إذا عضّت النائم و المغشيّ عليه، و الطفل الغرير، و المجنون الذي لا يعقل، و حتّى تجرّب عليه الأدوية.

1031-[الترياق و انقلاب الأفعى‌]

و كنت يوما عند أبي عبد اللّه أحمد بن أبي دؤاد، و كان عنده سلمويه و ابن ماسويه، و بختيشوع بن جبريل، فقال: هل ينفع التّرياق من نهشة أفعى؟فقال بعضهم: إذا عضّت الأفعى فأدركت قبل أن تنقلب نفع الترياق، و إن لم تدرك لم ينفع؛ لأنهم إن قلّلوا من التّرياق قتله السّمّ، و إن كثّروا منه قتله الفاضل عن مقدار الحاجة.

قلت: فإنّ ابن أبي العجوز خبّرني بأنها ليست تنقلب لمجّ السمّ و إفراغه، و لكنّ الأفعى في نابها عصل‌[3]، و إذا عضّت استفرغت إدخال النّاب كلّه، و هو أحجن أعصل، فيه مشابه من الشّصّ، فإذا انقلبت كان أسهل لنزعه و سلّه. فأمّا لصبّ السّمّ و إفراغه فلا. قال: و اللّه لعلّه ما قلت!قلت: ما أسرع ما شككت!!.

ثمّ قلت له: فكأنما وضعوا الترياق و اجتلبوا الأفاعي و ضنّوا و عزموا على أنه لا ينفع إلاّ بدرك الأفعى قبل أن تنقلب!و كيف صار التّرياق بعد الانقلاب لا يكون إلاّ في إحدى منزلتين: إمّا أن يقتل بكثرته، و إمّا ألاّ ينفع بقلّته!فكأنّ الترياق ليس نفعه إلاّ في المنزلة الوسطى التي لا تكون فاضلة و لا ناقصة!و لكني أقول لك: كيف يكون نفعه إذا كان الترياق جيّدا قويّا، و عوجل فسقي المقدار الأوسط، قبل أن يبلغ الصّميم، و يغوص في العمق. و على هذا وضع، و هم كانوا أحزم و أحذق من أن يتكلّفوا شيئا، و مقداره من النّفع لا يوصل إلى معرفته.


[1]ديوان أبي دؤاد 338، و الأصمعيات 186.

[2]في ديوانه: (تقحيمه: توركه قولا نابيا، و هو إدخال الكلام بعضه في إثر بعض. كعب: قيل إنه ابن مامة بلغه عنه أمر يكرهه. النكيثة: الخطة الصعبة) .

[3]العصل: الاعوجاج. (القاموس: عصل) .

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 4  صفحه : 320
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست