نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 95
و على شبيه بذلك كان عمر-رضي اللّه عنه-أمر بذبح الدّيكة و أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم بقتل الكلاب[1].
قالوا: ففيما ذكرنا دليل على أنّ أكل لحوم الكلاب لم يكن من دينهم و لا أخلاقهم، و لا من دواعي شهواتهم. و لو لا ذلك لما جاء الأثر عن النبيّ-صلّى اللّه عليه و سلم-و عمر و عثمان-رضي اللّه تعالى عنهما بذبح الدّيكة و الحمام، و قتل الكلاب. و لو لا أنّ الأمر على ما قلنا، لقالوا: اقتلوا الدّيوك و الحمام كما قال: اقتلوا الكلاب. و في تفريقهم بينها دليل على افتراق الحالات عندهم.
قال: حدّثني أسامة بن زيد، و إبراهيم بن أبي يحيى، أنّ عثمان شكوا إليه الحمام، و أنّه قال: «من أخذ منهنّ شيئا فهو له» . و قد علمنا أنّ اللفظ و إن كان قد وقع على شكاية الحمام، فإن المعنى إنّما هو على شكاية أصحاب الحمام؛ لأنّه ليس في الحمام معنى يدعو إلى شكاية.
قال: و حدّثنا عثمان قال: سئل الحسن عن الحمام الذي يصطاده النّاس، قال:
لا تأكله، فإنّه من أموال الناس!فجعله مالا، و نهى عن أكله بغير إذن أهله. و كلّ ما كان مالا فيبيعه حسن و ابتياعه حسن. فكيف يجوز لشيء هذه صفته أن يذبح، إلاّ أن يكون ذلك على طريق العقاب و الزّجر لمن اتّخذه لما لا يحلّ!!.
قال: و رووا عن الزّهري عن سعيد بن المسيّب قال: نهى عثمان عن اللعب بالحمام، و عن رمي الجلاهق. فهذا يدلّ على ما قلنا.
678-[أمن حمام مكة و غزلانها]
و الناس يقولون: «آمن من حمام مكّة، و من غزلان مكة» [2]. و هذا شائع على جميع الألسنة، لا يردّ أحد ممن يعرف الأمثال و الشّواهد. قال عقيبة الأسديّ لابن الزّبير: [من الكامل]
ما زلت مذ حجج بمكة محرما # في حيث يأمن طائر و حمام
فلتنهضنّ العيس تنفخ في البرا # يجتبن عرض مخارم الأعلام[3]
أ بنو المغيرة مثل آل خويلد؟! # يا للرّجال لخفّة الأحلام!