نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 93
منه السّافد. و هذا الباب شائع في كثير من الأجناس، إلاّ أنّه في هذه الأجناس أوجد.
674-[صيد البزاة للحمام]
ثمّ رجع بنا القول إلى ذكر الحمام، من غير أن يشاب بذكر غيره.
زعم صاحب المنطق أنّ البزاة عشرة أجناس، فمنها ما يضرب الحمامة و الحمامة جاثمة، و منها ما لا يضرب الحمام إلاّ و هو يطير، و منها ما لا يضرب الحمام في حال طيرانه و لا في حال جثومه، و لا يعرض له إلاّ أن يجده في بعض الأغصان، أو على بعض الأنشاز و الأشجار. فعدّد أجناس صيدها، ثمّ ذكر أنّ الحمام لا يخفى عليه في أوّل ما يرى البازي في الهواء أيّ البزاة هو، و أيّ نوع صيده، فيخالف ذلك. و لمعرفة الحمام بذلك من البازي أشكال: أوّل ذلك أنّ الحمام في أوّل نهوضه يفصل بين النّسر و العقاب، و بين الرّخمة و البازي، و بين الغراب و الصّقر؛ فهو يرى الكركيّ و الطّبرزين[1]و لا يستوحش منهما!و يرى الزّرّق فيتضاءل. فإن رأى الشّاهين فقد رأى السّمّ الذعاف الناقع.
675-[إحساس الحيوان بعدوّه]
و النّعجة ترى الفيل و الزّندبيل[2]و الجاموس و البعير، فلا يهزّها ذلك، و ترى السّبع و هي لم تره قبل ذلك، و عضو من أعضاء تلك البهائم أعظم و هي أهول في العين و أشنع، ثمّ ترى الأسد فتخافه. و كذلك الببر[3]و النمر. فإن رأت الذئب وحده اعتراها منه وحده مثل ما اعتراها من تلك الأجناس لو كانت مجموعة في مكان واحد. و ليس ذلك عن تجربة، و لا لأنّ منظره أشنع و أعظم، و ليس في ذلك علّة إلاّ ما طبعت عليه من تمييز الحيوان عندها. فليس بمستنكر أن تفصل الحمامة بين البازي و البازي، كما فصلت بين البازي و الكركيّ.
فإن زعمت أنّها تعرف بالمخالب فمنقار الكركيّ أشنع و أعظم و أفظع، و أطول و أعرض. فأمّا طرف منقار الأبغث فما كان كلّ سنان و إن كان مذرّبا[4]ليبلغه.
[1]الطبرزين: الفأس التي يعلقها الفارس في سرج جواده. انظر المعرب للجواليقي 194.