responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 3  صفحه : 81

فرحه و مرحه بعد قمطه و الفراغ من شهوته، ثمّ يعتريه ذلك في الوقت الذي يفتر فيه أنكح النّاس.

و تلك الخصلة يفوق بها جميع الحيوان، لأنّ الإنسان الذي هو أكثر الخلق في قوّة الشهوة، و في دوامها في جميع السّنة، و أرغب الحيوان في التصنّع و التغزل، و التشكّل‌[1]و التفتّل أفتر ما يكون إذا فرغ، و عندها يركبه الفتور، و يحبّ فراق الزّوج، إلى أن يعود إلى نشاطه، و ترجع إليه قوّته.

و الحمام أنشط ما يكون و أفرح، و أقوى ما يكون و أمرح، مع الزّهو و الشكل، و اللهو و الجذل، أبرد ما يكون الإنسان و أفتره، و أقطع ما يكون و أقصره.

هذا، و في الإنسان ضروب من القوى: أحدها فضل الشّهوة، و الأخرى دوام الشهوة في جميع الدّهر، و الأخرى قوة التصنّع و التكلف، و أنت إذا جمعت خصاله كلها كانت دون قوّة الحمام عند فراغه من حاجته و هذه فضيلة لا ينكرها أحد، و مزيّة لا يجحدها أحد!!

644-[الشبق المفرط في البغال‌]

و يقال: إنّ النّاس لم يجدوا مثل نشاط الحمام في وقت فترة الإنسان إلاّ ما وجدوه في البغال؛ فإنّ البغال تحمل أثقالا عشيّة، فتسير بقيّة يومها و سواد ليلتها، و صدر نهار غدها، حتّى إذا حطّوا عن جميع ما كان محمّلا من أصناف الدواب أحمالها، لم يكن لشي‌ء منها همّة، و لا لمن ركبها من النّاس إلاّ المراغة[2]و الماء و العلف، و للإنسان الاستلقاء و رفع الرّجلين و الغمز و التأوّه، إلاّ البغال فإنها في وقت إعياء جميع الدواب و شدّة كلالها، و شغلها بأنفسها ممّا مرّ عليها، ليس عليها عمل إلاّ أن تدلي أيورها و تشظّ[3]و تضرب بها بطونها؛ و تحطها و ترفعها. و في ذلك الوقت لو رأى المكاري امرأة حسناء لما انتشر لها و لا همّ بها. و لو كان منعظا ثم اعتراه بعض ذلك الإعياء لنسي الإنعاظ[4].

و هذه خصلة تخالف فيها البغال جميع الحيوان، و تزعم العملة[5]أنّها تلتمس [1]الشكل: الغنج و الدلاب «القاموس: شكل» .

[2]تمرغ في التراب: تقلّب فيه، و الاسم منه المراغة «القاموس: مرغ» .

[3]تشظ: تنعظ «القاموس: شظ» .

[4]انظر مثل هذا الخبر في رسائل الجاحظ 2/324.

[5]العملة: العمال. ـ

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 3  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست