responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 3  صفحه : 192

الذباب. فمن العجب أن يكون بعض الحيوان لا ينام كالصافر و التنوّط؛ فإنّهما إذا كان اللّيل فإن أحدهما يتدلّى من غصن الشّجرة، و يضمّ عليه رجليه، و ينكّس رأسه، ثمّ لا يزال يصيح حتّى يبرق النور. و الآخر لا يزال يتنقّل في زوايا بيته، و لا يأخذه القرار، خوفا على نفسه، فلا يزال كذلك، و قد نتف قبل ذلك ممّا على ظهور الأشجار مما يشبه الليف فنفشه، ثمّ فتل منه حبلا، ثمّ عمل منه كهيئة القفّة، ثمّ جعله مدلّى بذلك الحبل، و عقده بطرف غصن من تلك الأغصان؛ إلاّ أنّ ذلك بترصيع و نسج، و مداخلة عجيبة؛ ثمّ يتّخذ عشّه فيه، و يأوي إليه مخافة على نفسه.

و الأعراب يزعمون أنّ الذّئب شديد الاحتراس، و أنّه يراوح بين عينيه، فتكون واحدة مطبقة نائمة و تكون الأخرى مفتوحة حارسة و لا يشكّون أنّ الأرنب تنام مفتوحة العينين.

و أمّا الدّجاج و الكلاب فإنما تعزب‌[1]عقولهما في النّوم، ثمّ ترجع إليهما بمقدار رجوع الأنفاس. فأمّا الدّجاج فإنها تفعل ذلك من الجبن و أمّا الكلب فإنّه يفعل ذلك من شدّة الاحتراس.

و جاءوا كلهم يخبرون أن الغرانيق و الكراكيّ لا تنام أبدا إلاّ في أبعد المواضع من النّاس، و أحرزها من صغار سباع الأرض، كالثعلب و ابن آوى. و أنها لا تنام حتى تقلّد أمرها رئيسا و قائدا، و حافظا و حارسا، و أن الرئيس إذا أعيا رفع إحدى رجليه، ليكون أيقظ له.

834-[سلطان النوم‌]

و سلطان النّوم معروف. و إن الرّجل ممن يغزو في البحر، ليعتصم بالشّراع و بالعود و بغير ذلك، و هو يعلم أن النّوم متى خالط عينيه استرخت يده، و متى استرخت يده باينه الشي‌ء الذي كان يركبه و يستعصم به، و أنه متى باينه‌[2]لم يقدر عليه، و متى عجز عن اللّحاق به فقد عطب. ثمّ هو في ذلك لا يخلو، إذا سهر ليلة أو ليلتين، من أن يغلبه النّوم و يقهره، و إمّا أن يحتاج إليه الحاجة التي يريه الرأي الخوّان، و فساد العقل المغمور بالعلّة الحادثة، أنّه قد يمكن أن يغفي و ينتبه في أسرع الأوقات، و قبل أن تسترخي يده كلّ الاسترخاء، و قبل أن تباينه الخشبة إن كانت خشبة.


[1]عزب: بعد و غاب. «القاموس: عزب» .

[2]باين: فارق. «القاموس: بين» .

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 3  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست