نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 168
و الزّنابير لا تكاد تدمي إذا لسعت بأذنابها. و الذّبّان تغمس خراطيمها في جوف لحوم الدوابّ، و تخرق الجلود الغلاظ حتى تنزف الدّم نزفا. و لها مع شدّة الوقع سموم. و كذلك البعوضة ذات سمّ، و لو زيد في بدن البعوضة و زيد في حرقة لسعها إلى أن يصير بدنها كبدن الجرّارة[1]-فإنها أصغر العقارب-لما قام له شيء، و لكان أعظم بليّة من الجرّارة النصيبية[2]أضعافا كثيرة. و ربّما رأيت الحمار و كأنّه ممغّر أو معصفر. و إنّهم مع ذلك ليجلّلون حمرهم و يبرقعونها، و ما يدعون موضعا إلاّ ستروه بجهدهم، فربّما رأيت الحمير و عليها الرّجال فيما بين عبدسي[3]و المذار[4]بأيديهم المناخس و المذابّ، و قد ضربت بأنفسها الأرض و استسلمت للموت. و ربّما رأيت صاحب الحمير إذا كان أجيرا يضربها بالعصا بكلّ جهده، فلا تنبعث.
و ليس لجلد البقرة و الحمار و البعير عنده خطر. و لقد رأيت ذبابا سقط على سالفة[5]حمار كان تحتي، فضرب بأذنيه، و حرّك رأسه بكلّ جهده، و أنا أتأمّله و ما يقلع عنه، فعمدت بالسّوط لأنحّيه به فنزا عنه، و رأيت مع نزوه عنه الدّم و قد انفجر؛ كأنّه كان يشرب الدّم و قد سدّ المخرج بفيه، فلمّا نحّاه طلع.
802-[و نيمالذّباب ]
و تزعم العامّة أنّ الذّبّان يخرأ على ما شاء قالوا: لأنّا نراه يخرأ على الشيء الأسود أبيض، و على الأبيض أسود.
[2]الجرارة النصيبية: نسبة إلى نصيبين، و هي مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام و سبب كثرة عقاربها أن أنو شروان الملك حاصرها و ما قدر أن يفتحها، فأمر أن تجمع إليه العقارب. فحملوا العقارب من قرية تعرف بطيرانشاه من عمل شهرزور، فرماهم بها في العرادات و القوارير. و كان يملأ القارورة من العقارب و يضعها في العرادة؛ و هي على هيئة المنجنيق، فتقع القارورة و تنكسر و تخرج تلك العقارب، حتى ضجّ أهلها و فتحوا له البلد، و أخذها عنوة، و ذلك أصل عقارب نصيبين. معجم البلدان 5/288.
[3]عبدسي: اسم مصنعة كانت برستاق كسكر، خربها العرب، و بقي اسمها على ما كان حولها من العمارة. معجم البلدان 4/77.
[4]المذار: مدينة بين واسط و البصرة، فتحها عتبة بن غزوان أيام عمر بن الخطاب. معجم البلدان 4/88.