نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 133
قدّر التعليم، و على قدر التوطين. فأوّل ذلك أن يخرج إلى ظهر سطح يعلو عليه، و ينصب عليه علم يعرفه، و يكون طيرانه لا يجاوز محلّته، و أن يكون علفه بالغداة و العشيّ، يلقى له فوق ذلك السّطح، قريبا من علمه المنصوب له، حتّى يألف المكان و يتعوّد الرّجوع إليه. و لكن لينظر من أيّ شيء يتّخذ العلم؟فإنّه لا ينبغي أن يكون أسود، و لا يكون شيئا تراه من البعد أسود. و كلما كان أعظم كان أدلّ.
و لا ينبغي أن يطيّره و زوجته معا، و لكن ينتف أحدهما و يطيّر الآخر، و يخرجان إلى السّطح جميعا، ثمّ يطيّر الوافي الجناح؛ فإنّه ينازع إلى زوجته. و إذا عرف المكان، و دار و رجع، و ألف ذلك الموضع، و نبت ريش الآخر، صنع به كذلك.
و أجود من ذلك أن يخرجا إلى السّطح و هما مقصوصان، حتّى يألفا ذلك الموضع، ثمّ يطيّر أحدهما قبل صاحبه، و يصنع بالثّاني كما صنع بالأوّل.
و ما أشبه قوله هذا بقول ماسرجويه؛ فإنه وصف في كتابه، طباع جميع الألبان، و شربها للدّواء، فلمّا فرغ من الصّفة قال: و قد وصفت لك حال الألبان في أنفسها، و لكن انظر إلى من يسقيك اللّبن؛ فإنّك بدءا تحتاج إلى تنظيف جوفك، و تحتاج إلى من يعرف مقدار علّتك من قدر اللّبن، و جنس علّتك من جنس اللّبن.
734-[حوار مع نجار يفهم صناعته]
و مثل ذلك قول نجّار كان عندي، دعوته لتعليق[1]باب ثمين كريم فقلت له:
إنّ إحكام تعليق الباب شديد و لا يحسنه من مائة نجّار نجار واحد. و قد يذكر بالحذق في نجارة السقوف و القباب، و هو لا يكمل لتعليق باب على تمام الاحكام فيه. و السقوف، و القباب عند العامّة أصعب.
و لهذا أمثال: فمن ذلك أنّ الغلام و الجارية يشويان الجدي و الحمل و يحكمان الشيّ، و هما لا يحكمان شيّ جنب. و من لا علم له يظنّ أنّ شيّ البعض أهون من شيّ الجميع!.
فقال لي: قد أحسنت حين أعلمتني أنّك تبصر العمل، فإنّ معرفتي بمعرفتك تمنعني من التشفيق[2]. فعلّقه فأحكم تعليقه؛ ثمّ لم يكن عندي حلقة لوجه الباب إذا أردت إصفاقه، فقلت له: أكره أن أحبسك إلى أن يذهب الغلام إلى السوق [1]تعليق الباب: تركيبه «القاموس: علق» .
[2]الشفق: الرديء من الأشياء «القاموس: شفق» .
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 133