نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 2 صفحه : 393
خنق مرّة و شمّ بخار # ثمّ رضخ بالجندل المتوالي
لأنّ من الخنّاقين من يكون جامعا، و بذلك يسمّونه إذا جمع الخنق و التشميم، و حمل معه في سفره حجرين مستديرين مدملكين و ململمين فإذا خلا برجل من أهل الرّفقة استدبره فرمى بأحدهما قمحدوته [1] ، و كذلك إن كان ساجدا. فإن دمغه الأول سلبه، و إن هو رفع رأسه طبّق بالآخر وجهه. و كذلك إن ألفاه نائما أو غافلا.
و لقد صحب منهم ناس رجلا خرج من الرّيّ، و في حقوه هميان [2] ، فكان لا يفارق معظم النّاس، فلمّا رأوه قد قرب من مفرق الطّريقين و رأوا احتراسه، و هم نزول إمّا في صحراء و إمّا في بعض سطوح الخانات، و النّاس متشاغلون بأمورهم، فلم يشعر صاحب الهميان نهارا و النّاس حوله إلا و الوهق [3] في عنقه، و طرحه الآخر حين ألقاه في عنقه، و وثب إليه و جلس على صدره، و مدّ الآخر برجليه و ألقى عليه ثوبا و أذّن في أذنه فقام إليهم بعض أهل الرّفقة كالمعين و المتفجّع، فقالوا له: مكانك؛ فإنّه إن رآك خجل و استحى. فأمسك القوم عنهم، و ارتحل القوم، و أعجلوا بصاحبهم، فلمّا خلوا به أخذوا ما أحبّوا، و تركوا ما أحبّوا، ثمّ حملوه على أيديهم، حتى إذا برزوا رموه في بعض الأودية.
455-[شعر أعشى همدان في السبئية]
و قد ذكر أعشى همدان السّبئيّة و شأنهم في كرسيّ المختار: [من الطويل]
شهدت عليكم أنّكم سبئيّة # و إنّي بكم يا شرطة الكفر عارف [4]
و أقسم ما كرسيّكم بسكينة # و إن كان قد لفّت عليه اللفائف
و أن لبّس التّابوت فتنا و إن سمت # حمام حواليه و فيكم زخارف
و إنّي امرؤ أحببت آل محمّد # و آثرت وحيا ضمّنته المصاحف
و إن شاكرا طافت به و تمسّحت # بأعواد ذاو دبرت لا تساعف
و دانت به لابن الزّبير رقابنا # و لا غبن فيها أو تحزّ السّوالف
و أحسب عقباها لآل محمّد # فينصر مظلوم و يأمن خائف
و يجمع ربى أمّة قد تشتّتت # و هاجت حروب بينهم و حسائف
[1] القمحدوة: الهنة الناشزة فوق القفا و أعلى القذال خلف الأذنين و مؤخر القذال. «القاموس: قمحد» .
[2] الحقو: الكشح: و هو مكان عقد الإزار. «القاموس: حقو» . الهميان: وعاء للدراهم «القاموس:
همى» .
[3] الوهق: حبل مفتول يرمى في أنشوطة؛ فتؤخذ به الدابة. «القاموس: وهق» .
[4] الأبيات الخمسة الأولى في التاج (خشب) ، و أنساب الأشراف 5/542.
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 2 صفحه : 393