responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 67

و كانت تصل العجز بالكفاية، و المئونة بالكلفة. و كانت تقول: لا تورثوا الابن من المال، إلاّ ما يكون عونا له على طلب المال، و اغذوه بحلاوة العلم، و اطبعوه على تعظيم الحكمة، ليصير جمع العلم أغلب عليه من جمع المال، و ليرى أنّه العدّة و العتاد، و أنّه أكرم مستفاد.

و كانوا يقولون: لا تورّثوا الابن من المال إلاّ ما يسد الخلة، و يكون له عونا على درك الفضول، إن كان لا بدّ من الفضول؛ فإنّه إن كان فاسدا زادت تلك الفضول في فساده، و إن كان صالحا كان فيما أورثتموه من العلم و بقّيتم له من الكفاية، ما يكسبه الحال، فإن الحال أفضل من المال، و لأنّ المال لم يزل تابعا للحال. و قد لا يتبع الحال المال. و صاحب الفضول بعرض فساد، و على شفا إضاعة، مع تمام الحنكة، و اجتماع القوّة، فما ظنّكم بها مع غرارة الحداثة، و سوء الاعتبار، و قلة التجربة.

و كانوا يقولون: خير ميراث ما أكسبك الأركان الأربعة، و أحاط بأصول المنفعة، و عجّل لك حلاوة المحبة، و بقّى لك الأحدوثة الحسنة، و أعطاك عاجل الخير و آجله، و ظاهره و باطنه.

و ليس يجمع ذلك إلاّ كرام الكتب النفيسة، المشتملة على ينابيع العلم، و الجامعة لكنوز الأدب، و معرفة الصناعات، و فوائد الأرفاق، و حجج الدين الذي بصحته، و عند وضوح برهانه، تسكن النفوس، و تثلج الصدور. و يعود القلب معمورا، و العزّ راسخا، و الأصل فسيحا.

و هذه الكتب هي التي تزيد في العقل و تشحذه، و تداويه و تصلحه، و تهذبه.

و تنفي الخبث عنه. و تفيدك العلم. و تصادق بينك و بين الحجّة، و تعوّدك الأخذ بالثقة. و تجلب الحال. و تكسب المال.

67-[وراثة الكتب‌]

و وراثة الكتب الشريفة، و الأبواب الرفيعة، منبهة للمورّث، و كنز عند الوارث، إلا أنه كنز لا تجب فيه الزكاة، و لا حقّ السلطان. و إذا كانت الكنوز جامدة، ينقصها ما أخذ منها، كان ذلك الكنز مائعا يزيده ما أخذ منه، و لا يزال بها المورّث مذكورا في الحكماء و منوّها باسمه في الأسماء، و إماما متبوعا و علما منصوبا، فلا يزال الوارث محفوظا، و من أجله محبوبا ممنوعا، و لا تزال تلك المحبّة نامية، ما كانت تلك‌

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست