responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 55

ذكرنا قليل من كثير. و متى لم يعرف ذلك المترجم أخطأ في تأويل كلام الدين.

و الخطأ في الدين أضرّ من الخطأ في الرياضة و الصناعة، و الفلسفة و الكيمياء، و في بعض المعيشة التي يعيش بها بنو آدم.

و إذا كان المترجم الذي قد ترجم لا يكمل لذلك، أخطأ على قدر نقصانه من الكمال. و ما علم المترجم بالدليل عن شبه الدليل؟و ما علمه بالأخبار النجوميّة؟و ما علمه بالحدود الخفيّة؟و ما علمه بإصلاح سقطات الكلام، و أسقاط الناسخين للكتب؟و ما علمه ببعض الخطرفة لبعض المقدّمات؟و قد علمنا أنّ المقدّمات لا بدّ أن تكون اضطراريّة، و لا بدّ أن تكون مرتّبة، و كالخيط الممدود. و ابن البطريق و ابن قرّة لا يفهمان هذا موصوفا منزّلا، و مرتّبا مفصّلا، من معلّم رفيق، و من حاذق طبّ فكيف بكتاب قد تداولته اللغات و اختلاف الأقلام، و أجناس خطوط الملل و الأمم؟! و لو كان الحاذق بلسان اليونانيّين يرمي إلى الحاذق بلسان العربيّة، ثم كان العربيّ مقصّرا عن مقدار بلاغة اليونانيّ، لم يجد المعنى و الناقل التقصير، و لم يجد اليونانيّ الذي لم يرض بمقدار بلاغته في لسان العربيّة بدّا من الاغتفار و التجاوز، ثمّ يصير إلى ما يعرض من الآفات لأصناف الناسخين، و ذلك أن نسخته لا يعدمها الخطأ، ثمّ ينسخ له من تلك النسخة من يزيده من الخطأ الذي يجده في النسخة.

ثمّ لا ينقص منه؛ ثم يعارض بذلك من يترك ذلك المقدار من الخطأ على حاله، إذا كان ليس من طاقته إصلاح السّقط الذي لا يجده في نسخته.

46-[تحريف الكتب‌]

و لربّما أراد مؤلّف الكتاب أن يصلح تصحيفا، أو كلمة ساقطة، فيكون إنشاء عشر ورقات من حرّ اللفظ و شريف المعاني، أيسر عليه من إتمام ذلك النقص، حتى يردّه إلى موضعه من اتّصال الكلام، فكيف يطيق ذلك المعرض المستأجر. و الحكيم نفسه قد أعجزه هذا الباب!و أعجب من ذلك أنّه يأخذ بأمرين: قد أصلح الفاسد و زاد الصالح صلاحا. ثم يصير هذا الكتاب بعد ذلك نسخة لإنسان آخر، فيسير فيه الورّاق الثاني سيرة الورّاق الأوّل؛ و لا يزال الكتاب تتداوله الأيدي الجانية، و الأعراض المفسدة، حتّى يصير غلطا صرفا، و كذبا مصمتا، فما ظنّكم بكتاب تتعاقبه المترجمون بالإفساد، و تتعاوره الخطّاط بشرّ من ذلك أو بمثله، كتاب متقادم الميلاد، دهريّ الصنعة! [1] .


[1] رجل دهري: مسنّ نسب إلى الدهر. اللسان: دهر 4/293.

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست