نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 36
يقلّل، و أظهر و لم يخف، و جعل آلة البيان التي بها يتعارفون معانيهم، و التّرجمان الذي إليه يرجعون عند اختلافهم؛ في أربعة أشياء؛ و في خصلة خامسة؛ و إن نقصت عن بلوغ هذه الأربعة في جهاتها، فقد تبدّل بجنسها الذي وضعت له و صرفت إليه، و هذه الخصال هي: اللفظ، و الخطّ، و الإشارة، و العقد؛ و الخصلة الخامسة ما أوجد من صحّة الدّلالة، و صدق الشهادة و وضوح البرهان، في الأجرام الجامدة و الصامتة، و الساكنة التي لا تتبيّن و لا تحسّ، و لا تفهم و لا تتحرّك إلاّ بداخل يدخل عليها، أو عند ممسك خلّي عنها، بعد أن كان تقييده لها.
ثمّ قسّم الأقسام و رتّب المحسوسات، و حصّل الموجودات، فجعل اللفظ للسامع، و جعل الإشارة للناظر، و أشرك الناظر و اللامس في معرفة العقد، إلاّ بما فضّل اللّه به نصيب الناظر في ذلك على قدر نصيب اللامس. و جعل الخطّ دليلا على ما غاب من حوائجه عنه، و سببا موصولا بينه و بين أعوانه؛ و جعله خازنا لما لا يأمن نسيانه، ممّا قد أحصاه و حفظه، و أتقنه و جمعه، و تكلف الإحاطة به؛ و لم يجعل للشام و الذائق نصيبا.
21-[خطوط الهند]
و لو لا خطوط الهند لضاع من الحساب الكثير و البسيط، و لبطلت معرفة التضاعيف، و لعدموا الإحاطة بالباورات و باورات الباورات، و لو أدركوا ذلك لما أدركوه إلاّ بعد أن تغلظ المئونة، و تنتقض المنّة، و لصاروا في حال معجزة و حسور، و إلى حال مضيعة و كلال حدّ، مع التشاغل بأمور لو لا فقد هذه الدّلالة لكان أربح لهم، و أردّ عليهم، أن يصرف ذلك الشغل في أبواب منافع الدين و الدنيا.
22-[نفع الحساب]
و نفع الحساب معلوم، و الخلّة في موضع فقده معروفة. قال اللّه تعالى:
اَلرَّحْمََنُ `عَلَّمَ اَلْقُرْآنَ `خَلَقَ اَلْإِنْسََانَ `عَلَّمَهُ اَلْبَيََانَ[1] . ثم قال: اَلشَّمْسُ وَ اَلْقَمَرُ بِحُسْبََانٍ[2] . و بالبيان عرف الناس القرآن. و قال اللّه تبارك و تعالى: هُوَ اَلَّذِي جَعَلَ اَلشَّمْسَ ضِيََاءً وَ اَلْقَمَرَ نُوراً، وَ قَدَّرَهُ مَنََازِلَ، لِتَعْلَمُوا عَدَدَ اَلسِّنِينَ وَ اَلْحِسََابَ[3]