نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 196
و زعمتم أنّ عمر إنّما أمر بقتل الدّيكة حين كره الهراش بها و القمار بها. فلعلّ كلاب المدينة في تلك الأيّام كثر فيها العقور و أكثر أهلها من الهراش بها و القمار فيها. و قد علمتم أنّ ولاة المدينة ربّما دمروا على صاحب الحمام إذا خيف قبله القمار و ظنّوا أنه الشّرف [1] . و ذكروا عنه الرّمي بالبندق و خديعة أولادهم بالفراخ. فما بالكم لم تخرّجوا للكلاب من التأويل و العذر، مثل الذي خرّجتم للحمام و الديكة.
226-[المسخ من الحيوان]
و رويتم في الجرّيّ [2] و الضّباب أنهما كانتا أمّتين مسختا. و روى بعضهم في الإربيانة أنّها كانت خيّاطة تسرق السّلوك، و أنّها مسخت و ترك عليها بعض خيوطها لتكون علامة لها و دليلا على جنس سرقتها. و رويتم في الفأرة أنّها كانت طحّانة [3] ، و في سهيل أنّه كان عشّارا باليمن [4] و في الحيّة أنّها كانت في صورة جمل، و أنّ اللّه تعالى عاقبها حتى لاطها بالأرض، و قسم عقابها على عشرة أقسام، حين احتملت دخول إبليس في جوفها حتّى وسوس إلى آدم من فيها. و قلتم في الوزغة و في الحكأة [5] ما قلتم. و زعمتم أنّ الإبل خلقت من أعنان الشياطين [6] ، و تأوّلتم في ذلك أقبح التأويل. و زعمتم أنّ الكلاب أمّة من الجنّ مسخت. و الذئب أحقّ بأن يكون شيطانا من الكلب، لأنّه وحشيّ و صاحب قفار، و به يضرب المثل في التعدّي، و الكلب ألوف و صاحب ديار، و به يضرب المثل. و الذئب ختور غدّار، و الكلب و فيّ مناصح. و قد أقام الناس في الدّيار الكلاب مقام السّنانير للفأر. و الذئب مضرّة كلّه، و الكلب منافعه فاضلة على مضارّه، بل هي غالبة عليها و غامرة لها، و هذه صفة جميع هذه الأشياء النافعة.
و الناس لم يطبقوا على اتّخاذها عبثا و لا جهلا، و القضاة و الفقهاء و العبّاد و الولاة و النّسّاك، الذين يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر، و المحتسبة و أصحاب التكلّف و التسليم جميعا، لم يطبقوا على ترك النّكير على ما يشاهدونه منها في دور من لا يعصيهم و لا يمتنع عليهم إلاّ و قد علموا أنّه قد كان لقتل الكلاب بأعيانها في
[1] الشرف: الإشفاء على خطر من خير أو شر. (اللسان: شرف) .
[6] في النهاية 3/313 (لا تصلوا في أعطان الإبل لأنها خلقت من أعنان الشياطين) ، الأعنان النواحي، كأنه قال: إنها لكثرة آفاتها كأنها من نواحي الشياطين في أخلاقها و طبائعها.
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 196