فلئن أصبت دراهما فدفنتها # و فتنت فيها، و ابن آدم يفتن
فبما أراك و أنت غير مدرهم # إذ ذاك تقصف في القيان و تزفن
إذ رأس مالك لعبة بصريّة # بيضاء مغربة عليها السّوسن
و قال ابن عبدل أيضا: [من الوافر]
نجوت محمدا و دخان فيه # كريح الجعر فوق عطين جلد [1]
ركبت إليه في رجل أتاني # كريم يطلب المعروف عندي
فقلت له و لم أعجل عليه، # و ذلك بعد تقريظي و حمدي
فأعرض مكمحا عنّي كأنّي # أكلّم صخرة في رأس صمد [2]
أقرّب كل آصرة ليدنو # فما يزداد منّي غير بعد
فأقسم غير مستثن يمينا # أبا بخر لتتّخمنّ ردّي
فلو كنت المهذّب من تميم # لخفت ملامتي و رجوت حمدي
نجوت محمدا فوجدت ريحا # كريح الكلب مات قريب عهد
و قد ألذعتني ثعبان نتن # سيبلغ إن سلمنا أهل نجد
و أدنى خطمه فوددت أنّي # قرنت دنوّه مني ببعد
كما افتدت المعاذة من جواه # بخلعتها و لم ترجع بزند
و فارقها جواه فاستراحت # و كانت عنده كأسير قد
و قد أدنيت فاه إليّ حتّى # قتلت بذاك نفسي غير عمد
و ما يدنو إلى فيه ذباب # و لو طليت مشافره بقند [3]
يذقن حلاوة و يخفن موتا # زعافا إن هممن له بورد [4]
فلما فاح فوه عليّ فوحا # بمثل غثيثة الدّبر المغدّ [5]
فقلت له: تنحّ بفيك عنّي # فما هذا بريح قتار رند [6]
و ما هذا بريح طلا و لكن # يفوح خراك منه غير سرد [7]
[1] الأغاني 2/412-413، و معجم الأدباء 10/232-233.
[2] أكمح الرجل: رفع رأسه من الزهو، الصمد: المكان المرتفع.
[3] القند: عصارة قصب السكر إذا جمد.
[4] الزعاف؛ و مثله الذعاف: السم القاتل.
[5] الغثيثة: القيح. المغد: الذي أصابه الطاعون.
[6] الرند: نبات طيب الرائحة.
[7] الطّلا: الخمر.