responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 137

التأدّم بهما و الوقود بشجرهما، و ما أشبه ذلك من أمرهما-فقد أسأت ظنّا بالقرآن، و جهلت فضل التأويل. و ليس لهذا المقدار عظّمهما اللّه عزّ و جلّ، و أقسم بهما و نوّه بذكرهما.

166-[التأمل في جناح البعوضة]

و لو وقفت على جناح بعوضة وقوف معتبر، و تأمّلته تأمّل متفكّر بعد أن تكون ثاقب النّظر سليم الآلة، غوّاصا على المعاني، لا يعتريك من الخواطر إلاّ على حسب صحّة عقلك، و لا من الشواغل إلاّ ما زاد في نشاطك، لملأت ممّا توجدك العبرة من غرائب الطوامير الطّوال، و الجلود الواسعة الكبار، و لرأيت أنّ له من كثرة التصرّف في الأعاجيب، و من تقلّبه في طبقات الحكمة، و لرأيت له من الغزر و الرّيع، و من الحلب و الدّرّ و لتبجّس عليك من كوامن المعاني و دفائنها، و من خفيّات الحكم و ينابيع العلم، ما لا يشتدّ معه تعجّبك ممّن وقف على ما في الدّيك من الخصال العجيبة، و في الكلب من الأمور الغريبة، و من أصناف المنافع، و فنون المرافق؛ و ما فيهما من المحن الشّداد، و مع ما أودعا من المعرفة، التي متى تجلّت لك تصاغر عندك كبير ما تستعظم، و قلّ في عينك كثير ما تستكثر. كأنّك تظنّ أنّ شيئا و إن حسن عندك في ثمنه و منظره، أنّ الحكمة التي هي في خلقه إنّما هي على مقدار ثمنه و منظره.

167-[كلمات اللّه‌]

و قد قال اللّه تعالى: وَ لَوْ أَنَّ مََا فِي اَلْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلاََمٌ وَ اَلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مََا نَفِدَتْ كَلِمََاتُ اَللََّهِ [1] و الكلمات في هذا الموضع، ليس يريد بها القول و الكلام المؤلّف من الحروف، و إنّما يريد النّعم و الأعاجيب، و الصفات و ما أشبه ذلك، فإنّ كلاّ من هذه الفنون لو وقف عليه رجل رقيق اللسان صافي الذهن، صحيح الفكر تامّ الأداة، لما برح أن تحسره المعاني و تغمره الحكم.

168-[الموازنة و المقابلة بين نوعين‌]

و قد قال المتكلمون و الرؤساء و الجلّة العظماء في التمثيل بين الملائكة و المؤمنين، و في فرق ما بين الجنّ و الإنس. و طباع الجنّ أبعد من طباع الإنس، و من طباع الديك، و من طباع الكلب. و إنّما ذهبوا إلى الطاعة و المعصية. و يخيّل إليّ أنك لو كنت سمعتهما يمثّلان ما بين التّدرج و الطاوس، لما اشتدّ تعجّبك. و نحن نرى أنّ


[1] . 27: لقمان/31.

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 137
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست