responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 134

عذرتم جميع اللئام و جميع المقصّرين، و جميع الفاسقين و الضالّين. و إن كان الأمر إلى التمكين دون التسخير. أ فليس من أعجب العجب و من أسوأ التقدير التمثيل بين الدّيكة و الكلاب.

قد عرفنا قولك، و فهمنا مذهبك.

فأما قولك: «و ما بلغ من خطر الديك و قدر الكلب» فإنّ هذا و نحوه كلام عبد لم يفهم عن ربّه، و لم يعقل عن سيّده، إلاّ بقدر فهم العامّة أو الطبقة التي تلي العامّة.

كأنّك، فهّمك اللّه تعالى، تظن أنّ خلق الحيّة و العقرب، و التدبير في خلق الفراش و الذباب، و الحكمة في خلق الذئاب و الأسد و كلّ مبغّض إليك أو محقّر عندك، أو مسخّر لك أو واثب عليك، أنّ التدبير فيه مختلف أو ناقص، و أنّ الحكمة فيه صغيرة أو ممزوجة.

163-[امتزاج الخير بالشر من مصلحة الكون‌]

اعلم أنّ المصلحة في أمر ابتداء الدنيا إلى انقضاء مدّتها امتزاج الخير بالشرّ، و الضارّ بالنافع، و المكروه بالسارّ، و الضّعة بالرّفعة، و الكثرة بالقلّة. و لو كان الشرّ صرفا هلك الخلق، أو كان الخير محضا سقطت المحنة و تقطّعت أسباب الفكرة، و مع عدم الفكرة يكون عدم الحكمة، و متى ذهب التخيير ذهب التمييز، و لم يكن للعالم تثبّت و توقّف و تعلّم، و لم يكن علم، و لا يعرف باب التبيّن، و لا دفع مضرة، و لا اجتلاب منفعة، و لا صبر على مكروه و لا شكر على محبوب، و لا تفاضل في بيان، و لا تنافس في درجة، و بطلت فرحة الظّفر و عزّ الغلبة، و لم يكن على ظهرها محقّ يجد عزّ الحق، و مبطل يجد ذلّة الباطل، و موقن يجد برد اليقين، و شاكّ يجد نقص الحيرة و كرب الوجوم؛ و لم تكن للنفوس آمال و لم تتشعّبها الأطماع. و من لم يعرف كيف الطّمع لم يعرف اليأس، و من جهل اليأس جهل الأمن، و عادت الحال من الملائكة الذين هم صفوة الخلق، و من الإنس الذين فيهم الأنبياء و الأولياء، إلى حال السبع و البهيمة، و إلى حال الغباوة و البلادة، و إلى حال النجوم في السّخرة؛ فإنها أنقص من حال البهائم في الرّتعة. و من هذا الذي يسرّه أن يكون الشمس و القمر و النّار و الثلج، أو برجا من البروج أو قطعة من الغيم؛ أو يكون المجرّة بأسرها، أو مكيالا من الماء أو مقدارا من الهواء؟!و كلّ شي‌ء في العالم فإنما هو للإنسان و لكلّ مختبر و مختار، و لأهل العقول و الاستطاعة، و لأهل التبيّن و الرويّة.

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست