نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 127
مَعْلُومٌ. `لِلسََّائِلِ وَ اَلْمَحْرُومِ[1] إنّ المحروم هو الكلب [2] ؛ و سمعوا في المثل:
«اصنعوا المعروف و لو إلى الكلب» [3] عطفوا عليه و اتّخذوه في الدّور. و على أنّ ذلك لا يكون إلاّ من سفلتهم و أغبيائهم، و من قلّ تقزّزه و كثر جهله، و ردّ الآثار إمّا جهلا و إمّا معاندة.
154-[حوار في الديك]
و أما الديك فمن بهائم الطير و بغاثها، و من كلولها و العيال على أربابها، و ليس من أحرارها و لا من عتاقها و جوارحها، و لا ممّا يطرب بصوته و يشجي بلحنه، كالقماريّ و الدّباسيّ [4] و الشّفانين [5] و الوراشين و البلابل و الفواخت، و لا ممّا يونق بمنظره و يمتع الأبصار حسنه، كالطواويس و التّدارج [6] ، و لا مما يعجب بهدايته و يعقد الذمام بإلفه و نزاعه، و شدة أنسه و حنينه، و تريده بإرادته لك، و تعطف عليه لحبّه إياك، كالحمام، و لا هو أيضا من ذوات الطيران منها، فهو طائر لا يطير، و بهيمة لا يصيد، و لا هو أيضا مما يكون صيدا فيمتع من هذه الجهة و يراد لهذه اللّذة.
و الخفّاش أمرط، و هو جيّد الطيران، و الدّيك كاس و هو لا يطير. و أيّ شيء أعجب من ذي ريش أرضيّ، و من ذي جلدة هوائيّ.
و أجمع الخلق لخصال الخير الإنسان، و ليس الزّواج إلاّ في الإنسان و في الطير، فلو كان الديك من غير الطير ثمّ كان ممن لا يزاوج، لقد كان قد منع هذه الفضيلة و عدم هذه المشاكلة الغريبة، و حرم هذا السّبب الكريم و الشّبه المحمود. فكيف و هو لا يزاوج، و هو من الطير الذي ليس الزواج و الإلف و ثبات العهد، و طلب الذرء و حبّ النّسل، و الرجوع إلى السكن و الحنين إلى الوطن-إلاّ له و للإنسان. و كلّ شيء لا يزاوج فإنّما دخله النقص و خسر هذه الفضيلة من جهة واحدة، و قد دخل الديك النقص من جهتين. و وصف أبو الأخزر الحمّانيّ الحمار و عير العانة خاصّة، فإنّه أمثل في باب المعرفة من الأهليّ، فذكر كيف يضرب في الأتن، و وصف استبهامه عن طلب