فقلت إلى الطّعام فقال منهم # زعيم نحسد الإنس الطّعاما
و لم أعب الرواية، و إنّما عبت الإيمان بها، و التوكيد لمعانيها. فما أكثر من يروي هذا الضرب على التعجّب منه، و على أن يجعل الرواية له سببا لتعريف النّاس حقّ ذلك من باطله، و أبو زيد و أشباهه مأمونون على النّاس؛ إلاّ أنّ كلّ من لم يكن متكلّما حاذقا، و كان عند العلماء قدوة و إماما، فما أقرب إفساده لهم من إفساد المتعمّد لإفسادهم! و أنشدوا في تثبيت أولاد السعلاة: [من الرجز]
تقول جمع من بوان و وتد # و حسن أن كلّفتني ما أجد
و لم تقل جيء بأبان أو أحد # أو ولد السّعلاة أو جرو الأسد
أو ملك الأعجام مأسورا بقدّ
و قال آخر: [من الرجز]
يا قاتل اللّه بني السّعلاة # عمرا و قابوسا شرار النات [2]
147-[ما زعموا في جرهم]
و ذكروا أنّ جرهما كان من نتاج ما بين الملائكة و بنات آدم، و كان الملك من الملائكة إذا عصى ربّه في السماء أهبطه إلى الأرض في صورة رجل، و في طبيعته، كما صنع بهاروت و ماروت حين كان من شأنهما و شأن الزّهرة [3] ، و هي أناهيد [4] ما
[1] البيتان لشمر بن الحارث في الخزانة 6/167، و اللسان و التاج (حسد) ، و نوادر أبي زيد 123، و الحماسة البصرية 2/246. و بلا نسبة في اللسان و التاج (أنس) .
[2] الرجز لعلباء بن أرقم في النوادر 104، و الجمهرة 842، و اللسان (نوت، سين، تا) ، و التاج (كيت، نوت، عسل) ، و بلا نسبة في الاشتقاق 227، و فصل المقال 194، و الإنصاف 119، و اللسان (أنس، مرس) ، و الخصائص 2/53، و الأمالي 2/68، و المخصص 3/26، 13/283، و اللسان (أنس، مرس) ، و التاج (سين) ، و رسائل الجاحظ 2/374، و محاضرات الراغب 2/281.
[3] انظر تفصيل الخبر في تفسير ابن كثير 1/142-146، و كتب التفسير الأخرى في تفسير الآية 102 من سورة البقرة.
[4] أناهيد: كلمة فارسية تعني الزهرة. مفاتيح العلوم 122. و سماها الإغريق فينوس، و تسمى عشتار، و تعني جميعها آلهة الحب.
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 122