و أما الذي زعم أنّهم مطروا الشّبوط [3] ، فإنه لما ظنّ أنّ الضفادع التي تصاب بعقب المطر [4] ، بحيث لا ماء و لا وحل و لا عين و لا شريعة-فإنهم ربّما رأوها وسط الدّوّ و الدّهناء و الصّمّان [5] -و لم يشكّ أنّها كانت في السحاب و علم أنّها تكون في الأنهار و منابع المياه، و ليس ذلك من الذكر و الأنثى، قاس على ذلك الظنّ السمك، ثم جسر فجعل السمك شبّوطا. و تلك الضفادع إنما هي شيء يخلق تلك الساعة، من طباع الماء و الهواء و الزمان و تلك التّربة، على مقادير و مقابلات، و على ما أجرى اللّه تعالى عليه نشأة الخلق.
124-[امتناع التلاقح بين بعض الأجناس المتقاربة]
و قد تعرف القرابة التي تكون في رأي العين بين الشكلين من الحيوان فلا يكون بينهما تسافد و لا تلاقح، كالضأن و المعز، و كالفأر و الجرذان، فليس بالعجب في البقر و الجواميس أن تكون كذلك. و قد رأينا الخلاسيّ [6] من الدجاج و الدّيكة، و هو الذي تخلّق من بين المولّدات و الهنديّات، و هي تحمل اللحم و الشحم.
و زعم لي مسعود بن عثمان، أنه أهدى إلى عمرو بن مسعدة، دجاجة و وزن فيها سبعة عشر رطلا بعد طرح الأسقاط و إخراج الحشوة.
[1] سماها «حوشية» أيضا المبرد في الكامل 2/523. و هي وحشية الجرمية. انظر ديوان يزيد بن الطثرية 17-19، و أعلام النساء 5/275-276.
[2] البيت في ديوان رؤبة 78، و اللسان و التاج (حوش) ، و المقاييس 2/119، و تهذيب اللغة 5/142، و مجمل اللغة 2/122.
[5] الدوّ: الفلاة الواسعة، و قيل: الأرض المستوية. (اللسان: دوا) . الدهناء: سبعة أجبل من الرمل، من ديار بني تميم، بين مكة و البصرة (معجم البلدان 2/493) . الصمان: أرض غليظة دون الجبل، كانت لبني حنظلة، و الصمان متاخم للدهناء. و الصمان جبل؛ أو بلد لبني تميم.
و الصمان: من نواحي الشام بظاهر البلقاء. (معجم البلدان 3/423) .
[6] الخلاسي من الديكة: بين الدجاج الهندية و الفارسية. اللسان: خلس 6/66.
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 103