للمنافقين منذ أسلم ... و كان في الجاهليّة ينسب إلى الزّندقة» [1].
و يحتم علينا المنطق في مثل هذه الحال أن لا نجزم بإسلام أبي طالب، و لا بحسن إسلام أبي سفيان إلّا بعد البحث و النّظر، و أن لا نعتمد على قول أيّة فئة من الفئات ... بل علينا أن ننظر- أوّلا و قبل كلّ شيء- إلى حياة كلّ من أبي طالب و أبي سفيان و ظروفة الخاصّة: هل تتّجه به إلى الإسلام، و الإيمان برسالة محمّد، أو إلى الشّرك، و محاربة محمّد و رسالته؟ ...
و إنّ واقع أبي سفيان، و كلّ ما يتّصل بتأريخه و حياته من قريب أو بعيد يتّجه إلى التّعلق بالأوثان، و الدّفاع عنها، و التّضحية من أجلها بكلّ غال و عزيز، حتّى و لو كان في واقعة، و بينه و بين نفسه لا يعتقد بها و لا بشيء أبدا ... لأنّ الأوثان تمنحه الإمتياز و السّيادة على الضّعفاء و المساكين، و محمّد يجرده من كلّ ذلك، و يدعو إلى الإخاء و المساواة، و الأوثان تبيح له السّلب، و النّهب، و الفسق، و الفجور، و ما إليه من الرّذائل، و محمّد يأمر بالفضائل، و مكارم الأخلاق، فمحمّد- إذن- خطر على الإستقراطيّين بعامّة، و على أبي سفيان بخاصّة.
هذا، إلى العداء الموروث المتأصّل بين هاشم و اميّة، فكيف يستسلم أبو سفيان و ينقاد إلى ألد أعدائه، و قد ظهر ذلك في الحروب و المكائد الّتي نصبها للرّسول الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله) ... و هل بعد هذه الأرقام المحسوسة المستمدّة من واقع أبي سفيان من شكّ، و ريب في أنّه أظهر الإسلام عن خوف لا عن إيمان، و حقنا لدمه لا بدافع من ضميره و وجدانه؟ ... و هل نأخذ بالشّهرة و غير الشّهرة بعد أن انكشف الواقع كشفا حسيّا تبددت معه الشّكوك و الأوهام؟ ... أنّ أبا سفيان لا
[1] انظر، الإستيعاب في اسماء الأصحاب: 4/ 86 المطبوع مع الإصابة سنة (1939 م). (منه (قدّس سرّه)).