فيا لك حسرة ما دمت حيّا* * * تردّد بين حلقي و التّراقي
فلو فلق التّلهف قلب حيّ* * * لهمّ اليوم قلبي بإنفلاق
فقد فاز الألى نصروا حسينا* * * و خاب الآخرون أولوا النّفاق [2]
و هذا تفسير قول أبي الشّهداء- فإنّي لا أرى الموت إلّا سعادة، و الحياة مع
[1] انظر، تأريخ الطّبري: 5/ 469- 470. لعلّ من أصدق النّماذج الّتي حفظها لنا تأريخ تلك الفترة قول عبيد اللّه بن الحرّ، الّذي فرّ من الكوفة حين اتّهمه عبيد اللّه بن زياد بعدم الولاء للسّلطة، و قدم إلى كربلاء، فنظر إلى مصارع الشّهداء و قال:
يقول أمير غادر حقّ غادر* * * ألا كنت قاتلت الشّهيد بن فاطمة
فيا ندمي ألّا أكون نصرته* * * ألا كلّ نفس لا تسدد نادمة
و إنّي لأنّي لم أكن من حماته* * * لذو حسرة ما إن تفارق لازمة
سقى اللّه أرواح الّذين تأزروا* * * على نصره سقيا من الغيث دائمة
وقفت على أجداثهم و مجالهم* * * فكاد الحشى ينفض و العين ساجمة
لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغى* * * سراعا إلى الهيجا حماة خضارمة
تآسوا على نصر ابن بنت نبيّهم* * * بأسيافهم آساد غيل ضراغمة
فإن يقتلوا فكلّ نفس تقية* * * على الأرض قد أضحت لذلك واجمة
و ما إن رأى الرّاؤون أفضل منهم* * * لدى الموت سادات و زهرا قماقمة
أ تقتلهم ظلما و ترجو ودادنا* * * فدع خطة ليست لنا بملائمة
لعمري لقد راغمتمونا بقتلهم* * * فكم ناقم منّا عليكم و ناقمة
أ هم مرارا أن أسير بجحفل* * * إلى فئة زاغت عن الحقّ ظالمة
فكفوا و إلّا زرتكم بكتائب* * * أشدّ عليكم من زحوف الدّيالمة
انظر، تأريخ الطّبري: 3/ 63 و: 4/ 360 و: 5/ 469، البداية و النّهاية: 8/ 229، مقتل الحسين لابي مخنف: 245، تأريخ دمشق: 27/ 430.
[2] انظر، خزانة الأدب: 2/ 157، الأخبار الطّوال: 262، ترجمة الإمام الحسين من الطّبقات الكبرى لابن سعد: 94.