و معلوم أنّ البساطة المدّعاة للمفاهيم الاشتقاقيّة ليس كبساطة ساير مفاهيم المركّبات و إلّا لم يكن فرق بينها و بين ساير المركّبات إذ المفاهيم كلّها بسائط في حدّ المفهوميّة كما عرفت، بل البساطة في المشتقّات هي البساطة في الحقيقة لا في المفهوم الأولي و بعد البناء على القول بالبساطة فالقول بالانحلال العقليّ رجوع عنه.
فالمراد من البساطة في المشتقّ هو أنّ مفهوم المشتقّ عين المبدا بحيث إذا فرض إمكان إيجاد نفس البياض في صقع من الوجود بدون الذّات فهوم عين الأبيض و هذا أيضا أصدق دليل على بساطة المشتقّات حيث إنّه لو فرض قيام البياض و السّواد بنفس ذاتهما ليصدق عليهما الأبيض و الأسود كما هو المعروف عند أهله أنّ البياض أبيض بنفس ذاته، إلّا أن الفرق بين البياض و الأبيض هو جواز حمل الأبيض و عدم جواز حمل البياض على الذّات و هذا هو الفرق الاعتباريّ الّذي يكون بين الجنس و الفصل و بين الهيولى و الصّورة أيضا و ذلك هو الّذي عبّر عنه باللّابشرطيّة و بشرط اللّائيّة فيقال الجنس و الفصل لا بشرط عن الحمل و الهيولى و الصّورة بشرط اللّاعنالحمل فهاهنا ينبغي لنا التّوضيح في معنى هذا الاعتبار و ما هو المراد من اللّابشرط و بشرط اللّاالأمر.
[التنبيه الثاني]
فنقول و من اللّه التّوفيق و عليه التّكلان: إنّ الجنس و الفصل يلاحظ على نحوين من اللّحاظ تارة يلاحظ على نحو الإبهام و اللاتحصّل على نحو أن يكون تحصّل أحدهما بعين تحصّل الآخر و لم يكن لأحدهما تحصّل وراء تحصّل الآخر فيجوز في هذا اللّحاظ حمل أحدهما على الآخر و حمل كليهما على النّوع و النّوع على كلّ واحد منهما أو كليهما و يكون التّركيب بينهما في هذا الاعتبار تركيبا اتحاديّا حقيقيّا لأنّ المفروض أنّ تحصّل كلّ واحد من الجنس و الفصل عين تحصّل الآخر و ليس كلّ من الجنس و الفصل أمرا محصّلا بحيث أن يعدّ من قبيل الأمرين المتحصّلين كلّ على حياله.