و أمّا في مقام الإثبات و الاستظهار فمعلوم أنّه بعد فرض إمكان الاستعمال عقلا في أكثر من معنى واحد و بعد فرض جوازه لغة بمعنى عدم لزوم الغلط و بعد فرض كونه على نحو الحقيقة لا المجاز فلا بدّ و أن يحمل على تمام معانيه بعد فرض عدم وجود قرينة معيّنة في المقام حتّى يتعيّن به خصوص معنى واحد من بين المعاني كقول القائل: جئني بعين و لم يكن هناك قرينة معيّنة في البين فيحمل على كلّ ما وضع له لفظ العين من العين الجارية و الباكية و غيرهما من المعاني الحقيقيّة.
و هذا نظير عمومات البيع الّتي يستفاد منها العموم أو الإطلاق بعد عدم وجود قرينة في البين فيستفاد منها حكم جميع أقسام البيوع و أنواعها مع فرق أنّ البيع استعمل في معنى واحد على سبيل العموم الاستغراقيّ و العين استعمل في المعاني الكثيرة لا على هذا الوجه بل استعمل في كلّ واحد من المعاني كلّ على نحو التّفصيل و الاستقلال. و قد يستدلّ على الوقوع فضلا عن إمكانه بالأخبار الدّالة على أنّ للقرآن بطونا.
و فيه أنّه لا دلالة لها أصلا، بعد تسليم سندها، على جواز الاستعمال بهذا الوجه في أكثر من معنى واحد، لأنّه من الممكن أن يكون للآيات القرآنيّة مراتب سبع و لكلّ مرتبة مراحل عشرة مع كونها وجودا واحدا كما قد يقال في اصطلاح أرباب بعض العلوم و الفنون أنّ للإنسان أيضا تلك المراتب و المدارج فهم يقولون إنّ الإنسان إنسان عقلاني و إنسان طبيعيّ و إنسان متوسّط بين الطّبيعة و التّجرّد التّامّ. و على كلّ حال لا دلالة لمثل هذه الأخبار على وقوع استعمال اللّفظ في أكثر من معنى واحد و أفاده المحقّق الخراسانيّ (قده) أيضا في الجواب فراجع و اللّه العالم بحقائق الأمور.