نعم، هاهنا فرق بين التعبّديّات و التوصّليّات من جهة إمكان الامتثال في التوصليّات و عدم إمكانه في التعبّديّات إلّا أنّ ذلك التفصيل خارج عن الجهة المبحوث عنها في باب اجتماع الأمر و النّهي. و ذلك يحتاج إلى بيان واضح كي يتّضح ما هو الحقّ من أنّه مع الالتزام بجواز الاجتماع في المقام نلتزم بعدم صحّة العبادات في مقام الامتثال.
تفصيله: أنّه لا إشكال في أنّ في التعبّديات لا بدّ من خصوصية هي كونها ممّا يصحّ أن يتقرّب به إلى اللّه تعالى سواء كانت تلك الخصوصيّة ناشئة من قبل الأمر و مأخوذة في متعلّق الأمر كما فرضناه في محلّه أو أنّها ممّا يحكم به العقل بحيث يكون حصول الغرض ممّا يتوقّف عليها عقلا كما أفاده المحقّق الخراسانيّ (رحمه اللّه) و على كل حال لا بدّ و أن يكون إتيان المأمور به في التعبّديّات على وجه التقرّب. فليكن هذا أصلا لتوضيح الكلام.
و أضف إلى ذلك أصلا آخر هو أنّ مقام الامتثال إنّما هو مقام انطباق الطبائع على الأفراد. و الفعل الّذي يعدّ طغيانا و معصية للمولى لا يمكن أن يحصل به التقرّب إليه فلا يحصل بإتيانه الغرض بل لا يكون مأمورا به أصلا لفقدان ما هو دخيل فيه فلا يكون صحيحا، بخلاف التوصّليّات فإنّها لا تكون الخصوصيّة مأخوذة فيها بل يكون تمام متعلّق الأمر نفس الحيثيّة المطلقة بدون تقيدها بقيد قصد الامتثال و التقرّب فلا يكون مانع في البين في مقام الامتثال.
و خلاصة الكلام أنّ الفرق بين التعبّديات و التوصّليّات في مادّة تصادق الحيثيّتين إنّما هو في مقام الامتثال حيث إنّ المكلّف في مقام الامتثال لا يتمكّن من إتيان المأمور به على وجه التقرّب مع فرض كونه عين الطغيان و المعصية في مادّة الصدق.
و أمّا التوصليّات فلا مانع من امتثاله أصلا حيث إنّها لا يحتاج إلى التقرّب. هذا، و لكن هذا الفرق غير دخيل في الجهة المبحوث عنها في مسألة اجتماع الأمر و النّهي إذ البحث كما