لا يخفى عليك أنّ هذا البحث قد انحرف عمّا عليه سابقا ضرورة أنّه لا معنى لهذا العنوان أو لا محصّل له بل يكون محصّله التّناقض فإنّ مع انتفاء الشّرط ينتفي المشروط فبانتفاء شرط الأمر ينتفي الأمر المشروط لا محالة، فمع فرض عدم الأمر هل يجوز الأمر أم لا ليس إلّا التّناقض الصّريح. و العنوان المصحّح على ما هو عليه عند الأوائل هو أنّه هل يجوز للامر الأمر مع كون أمره واجدا لشرائطه أوّلا إلّا أنّه يعلم فقدان شرطه وقت حضور العمل به كما في أمره مع علمه بالنّسخ قبل حضور وقت العمل كما في أمره تعالى بذبح إسماعيل (عليه السّلام) مع علمه تعالى بفقدان شرطه وقت العمل فإنّ من شرائط وجوب ذبحه ربّما يكون عدم وجود الفداء.
أمّا الأشاعرة فلمّا كانوا يلتزمون بالكلام النّفسيّ و أنّه غير الإرادة و ساير الصّفات النّفسانيّة فالتزموا هاهنا أيضا بإمكانه كما ذكرناه في المباحث السّالفة فقالوا إنّ الطّلب الّذي هو الكلام النّفسيّ قد يتعلّق بأمر يكون الامر عالما بفقدان شرطه وقت حضور العمل.
و أمّا المعتزلة فلمّا كانوا مبطلين للكلام النّفسيّ الّذي هو الطّلب و يقولون إنّه لا يكون وراء الإرادة و العلم و غيرهما من الصّفات شيء هو الكلام النّفسيّ أو الطّلب، فقد التزموا بمحاليّة تعلّق الإرادة بشيء كان الامر عالما بفقدان شرط أمره وقت حضور العمل به. و أمّا قضيّة ذبح اسماعيل و أمثاله من هذه الأوامر فقد قرّرنا الكلام في تصويره مفصّلا فراجع.