استئمان فتيان قريش إلى أمير المؤمنين ع
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَ لَمَّا فَرَغَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مِنْ أَهْلِ الْجَمَلِ جَاءَهُ قَوْمٌ مِنْ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ يَسْأَلُونَهُ الْأَمَانَ وَ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُمُ الْبَيْعَةَ فَاسْتَشْفَعُوا إِلَيْهِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ فَشَفَعَهُ وَ أَمَرَ لَهُمْ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَلَمَّا مَثُلُوا بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ لَهُمْ: «وَيْلَكُمْ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ عَلَامَ تُقَاتِلُونَنِي عَلَى أَنْ حَكَمْتُ فِيكُمْ بِغَيْرِ عَدْلٍ أَوْ قَسَمْتُ بَيْنَكُمْ بِغَيْرِ سَوِيَّةٍ أَوِ اسْتَأْثَرْتُ عَلَيْكُمْ أَوْ لِبُعْدِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَوْ لِقِلَّةِ بَلَاءٍ مِنِّي فِي الْإِسْلَامِ» فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَحْنُ إِخْوَةُ يُوسُفَ ع فَاعْفُ عَنَّا وَ اسْتَغْفِرْ لَنَا فَنَظَرَ إِلَى أَحَدِهِمْ فَقَالَ لَهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» قَالَ أَنَا مُسَاحِقُ بْنُ مَخْرَمَةَ مُعْتَرِفٌ بِالزَّلَّةِ مُقِرٌّ بِالْخَطِيئَةِ تَائِبٌ مِنْ ذَنْبِي فَقَالَ ع: «قَدْ صَفَحْتُ[1] عَنْكُمْ وَ ايْمُ اللَّهِ إِنَّ فِيكُمْ مَنْ لَا أُبَالِي أَ بَايَعَنِي بِكَفِّهِ أَمْ بِاسْتِهِ وَ لَئِنْ بَايَعَنِي لَيَنْكُثَنَّ» وَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ ع: «أَ[2] بِكَ جِرَاحَةٌ؟» قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَا أَرَانِي لِمَا بِي إِلَّا مَيِّتاً فَتَبَسَّمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ قَالَ: «لَا وَ اللَّهِ مَا أَنْتَ لِمَا بِكَ مَيِّتٌ وَ سَتَلْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ مِنْكَ وَ مِنْ وُلْدِكَ يَوْماً أَحْمَرَ» ثُمَّ بَايَعَهُ وَ انْصَرَفَ وَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: «وَ اللَّهِ أَنْ كُنْتَ أَنْتَ وَ أَهْلُ بَيْتِكَ لَأَهْلُ دَعَةٍ[3] وَ أَنْ كَانَ فِيكُمْ غِنًي وَ لَكِنْ أَعْفُو عَنْكُمْ وَ لَقَدْ ثَقُلَ عَلَيَّ حَيْثُ رَأَيْتُكُمْ فِي الْقَوْمِ
[1]-« صفحت عن الذنب صفحا: عفوت عنه» المصباح المنير ص 404( صفح).
[2]- ق، ط: هل.
[3]-« الدعة: الراحة و خفض العيش» المصباح المنير ص 813( ودع).