خطبة أمير المؤمنين ع في حث أصحابه
ثُمَّ قَامَ خَطِيباً يَتَوَكَّأُ عَلَى قَوْسٍ عَرَبِيَّةٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ ذَكَرَ النَّبِيَّ فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْمَوْتَ طَالِبٌ حَثِيثٌ[1] لَا يَفُوتُهُ الْهَارِبُ وَ لَا يُعْجِزُهُ فَاقْدَمُوا وَ لَا تَنْكِلُوا[2] وَ هَذِهِ الْأَصْوَاتُ الَّتِي تَسْمَعُونَهَا مِنْ عَدُوِّكُمْ فَشَلٌ وَ اخْتِلَافٌ إِنَّا كُنَّا نُؤْمَرُ فِي الْحُرُوبِ بِالصَّمْتِ فَعَضُّوا عَلَى النَّوَاجِذِ وَ اصْبِرُوا لِوَقْعِ السُّيُوفِ وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّيْفِ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ مَوْتٍ[3] عَلَى الْفِرَاشِ فَقَاتِلُوهُمْ صَابِرِينَ مُحْتَسِبِينَ فَإِنَّ الْكِتَابَ مَعَكُمْ وَ السُّنَّةَ مَعَكُمْ وَ مَنْ كَانَا مَعَهُ فَهُوَ الْقَوِيُّ اصْدُقُوهُمْ[4] بِالضَّرْبِ فَأَيُّ امْرِئٍ أَحَسَّ مِنْ نَفْسِهِ شَجَاعَةً وَ إِقْدَاماً وَ صَبْراً عِنْدَ اللِّقَاءِ فَلَا يَبْطَرْ بِهِ[5] وَ لَا يَرَى أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ وَ إِنْ رَأَى مِنْ أَخِيهِ فَشَلًا أَوْ ضَعْفاً فَلْيَذُبَّ عَنْهُ كَمَا يَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ مِثْلَهُ»[6].
[1]-« الحثيث: السريع، الجادّ في أمره» المعجم الوسيط ج 1 ص 155( حثث).
[2]-« نكل عن العدوّ ينكل: أي جبن» لسان العرب ج 11 ص 677( نكل).
[3]- ط: ميتة. و في الإرشاد ص 127:« موتة» و هي الأولى كما قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج 7 ص 301.
[4]-« صدق فلان في القتال و نحوه: أقبل عليه في قوّة» المعجم الوسيط ج 1 ص 510( صدق).
[5]- ق، ط: فلا يبطرنه. و« البطر: النشاط، و قيل: التبختر. و قيل: البطر في الأصل: الطغيان بالنعمة و استعمل بمعنى الكبر» تاج العروس ج 10 ص 212( بطر).
[6]- العقد الفريد ج 4 ص 338. قال فيه خطب أصحابه يوم صفّين، و نهج البلاغة ص 179- 180 خ 123، و الإرشاد ص 127، و قارن بالكافي ج 5 ص 53- 54.