نام کتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى نویسنده : الغروي، الشيخ علي جلد : 1 صفحه : 411
..........
1- التقليد في أصول الدين:
قد عرفت أن التقليد هو الاستناد الى فتوى الغير في مقام العمل، و الوجه في وجوبه على ما قدمناه استقلال العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب و لا يتأتى هذا فيما اعتبر فيه اليقين و الاعتقاد كما في الأصول كالتوحيد و النبوة و المعاد، لوضوح أنه لا عمل في تلك الأمور حتى يستند فيها الى قول الغير أو لا يستند، فان المطلوب فيها هو اليقين و الاعتقاد و نحوهما مما لا يمكن أن يحصل بالتقليد فلا معنى له في مثلها. بل لو عقد القلب- في تلك الأمور- على ما يقوله الغير لم يكتف به بوجه، إذ المعتبر في الأصول انما هو اليقين و العرفان و الاعتقاد، و شيء من ذلك لا يتحقق بعقد القلب على ما يقوله الغير. بل هذا هو القدر المتيقن مما دل على ذم التقليد و اتباع قول الغير في الأصول كقوله عز من قائل إِنّٰا وَجَدْنٰا آبٰاءَنٰا عَلىٰ أُمَّةٍ وَ إِنّٰا عَلىٰ آثٰارِهِمْ مُقْتَدُونَ[1].
نعم هناك كلام آخر في انه إذا حصل له اليقين من قول الغير يكتفى به في الأصول أو يعتبر أن يكون اليقين فيها مستندا الى الدليل و البرهان؟ إلا أنه أمر آخر أجنبي عما نحن بصدده، و ان كان الصحيح جواز الاكتفاء به، إذ المطلوب في الاعتقاديات هو العلم و اليقين بلا فرق في ذلك بين أسبابهما و طرقهما. بل حصول اليقين من قول الغير يرجع في الحقيقة إلى اليقين بالبرهان لانه يتشكل عند المكلف حينئذ صغرى و كبرى فيقول: هذا ما أخبر به أو اعتقده جماعة، و ما أخبر به جماعة فهو حق و نتيجتهما أن ذلك الأمر حق فيحصل فيه اليقين بأخبارهم.