و يستوضح الحاكم النيسابوري جمع القرآن على عهد الرسول (ص) من قول زيد بن ثابت: كنا عند رسول اللّٰه نؤلف القرآن من الرقاع [2] و يؤكده مجاهرة ابن عمر في جمعه القران و قرائته كل ليلة غير ان النبي (ص) امره بقراءته في كل شهر [3].
السنة النبوية
و هي عبارة عن أوامر النبي (ص) و نواهيه و اعماله بحضرة أصحابه قاصدا تعبيد الجادة الموصلة الى الرضوان و تقريره الأعمال التي تأتي بها الصحابة بحضرته و هي كالكتاب المجيد في تلكم الأهمية الكبرى لان صاحبها لا ينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحى، و أول من دون الحديث من الشيعة أبو رافع مولى رسول اللّٰه (ص) أهداه له العباس بن عبد المطلب فأعتقه النبي (ص) و سماه إبراهيم و أسلم قديما و هاجر الى المدينة و لازم أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) و كان قيّمه على بيت ماله بالكوفة الى ان توفي أول خلافته [4].
و رأي السيوطي في نسبته إلى الزهري [5] فايل لتقدم أبي رافع عليه إلا ان يقصد به أول التابعين، على ان الزرقانى يذهب الى ان الصحابة و التابعين لم يكتبوا الحديث و انما كانوا يؤدون الأحاديث لفظا و يأخذونها حفظا الا كتاب الصدقات و لما خاف عمر بن عبد العزيز اندراسها أمر قاضيه على المدينة أبا بكر محمد بن عمرو بن حزم ان يجمع الأحاديث فتوفي ابن عبد العزيز و قد جمع ابن حزم كتابا قبل ان يبعث به اليه [6] و في تخريج أبي نعيم الأصبهاني ان عمر بن عبد العزيز كتب الى الافاق بجمع حديث رسول اللّٰه صيانة له عن التلف [7].
لقد ظل الصحابة من بعد الرسول و التابعون من بعدهم يستقون مسائل الشريعة من الأحاديث النبوية و لما تكثرت الفروع بسبب اختلاط المسلمين بغيرهم و لم يكن من تلك الدراري اللامعة ما فيه النص عليها مال قسم من العلماء إلى الرأي و الاستحسان مستندين إلى ان الشريعة معقولة المعنى و لها أصول محكمة فهمت من الكتاب و السنة فكانوا يبحثون عن علل الاحكام و ربط المسائل بعضها ببعض و لم يحجموا عن الفتوى برأيهم فيما لا يجدون نصا فيه و اشتهروا بأصحاب «الرأي و القياس» كما قيل لمقابليهم الواقفين على النصوص فحسب «أهل الظاهر» و كان أكثر أهل العراق أهل قياس و أكثر أهل الحجاز أهل حديث و على هذا كان سعيد بن المسيب يقول لربيعة بن عبد الرحمن المتوفّى سنة 136 هلما سأله عن علة الحكم: أ عراقي أنت؟! [8].
و لعل أول من غرس بذرة العمل بالقياس (عمر) فإنه يقول في كتابه
[1] صحيح البخاري باب فضائل القران و فتح الباري لابن حجر ج 9 ص 44 باب من جمع القران.