responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى نویسنده : الغروي، الشيخ علي    جلد : 1  صفحه : 10

عن جادة القياس المكدسة باشواك الخطأ و التضليل مستضيئين في ذلك بأحاديث أئمتهم الذين لا ينطقون عن الهوى و انما هو تعليم من (عزيز عليم) بما أودعه فيهم من القوة القدسية النورية التي بها تمكنوا من استعلام ما يحدث في الكائنات و هي المعبر عنها بروح القدس في بعض الاخبار.

الجامعة الكبرى للشيعة

كانت مدينة النجف الأشرف الجامعة الوحيدة بين البلدان لدرس الفنون و المعارف الإلهية منذ هبط إليها شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي بعد أن لاقى ببغداد من الحنابلة غصصا و كابد مالا يغض الطرف عنه يوم هجموا على داره بالكرخ سنة 448 و أحرقوا كتبه و آثاره و نهبوا داره [1] و جرى لهم مع شيخه المفيد محمد بن محمد بن النعمان ما هو أفضع و أشنع حتى أخرجه عميد الجيوش الى خارج بغداد في سنة 393 و سنة 398 غير ان شفاعة علي بن مزيد أرجعته الى مقره ببغداد [2] كما نهبوا دار الشريف المرتضى في سنة 422 و قتلوا جماعة من الشيعة.

في سنة 448 هحل الشيخ الطوسي هذه البقعة المغمورة بالفيوضات الإلهية ببركات باب مدينة علم الرسول فانضوى إليه أهل الفضيلة ممن قطنها قبلها للاقتباس من اثاره و الاستضاءة من معارفه التي حباه المهيمن سبحانه بها و تزاحمت العلماء على الانتهال من بحره المتموج باسرار أهل البيت (ع) و كانت حلقات مجالس الدراسة و رواية الحديث في أيامه وثيقة الاطرف و أصبحت «النجف» مركزا للزعامة العلمية و جامعة كبرى لنشر الفقه و الأصول و الحديث و التفسير و الفلسفة العالية و الرجال و الأدب و لم تكن الدراسة فيها على نهج ترتيب الصفوف و التدرج من صف لآخر يتلقى التلميذ دروسه من أستاذه على حسب المنهج المقرر له لا يتخطاه.

و إنما هناك حلقات تضم الفاضل و الأفضل و غيرهما يلقى عليهم الأستاذ نتيجة بحثه عن أدلة الأحكام و تضارب الأقوال فيوفق بين الجميع بثاقب فكره و الملكة المرتكزة فيه و يجزم بما ينتج عنده فيفيضه على الطلاب و بهذا تتجلى مقدرة الأستاذ العلمية كما يعرف مبلغ التلميذ من الفضيلة و حتى إذا تمكنت فيه ملكة استنباط الفروع من أصولها يمنحه الأستاذ الشهادة بالاجتهاد فيئوب إلى بلاده حاملا من تلك الجامعة الكبرى «النجف الأشرف» ما هو أعز عنده من كل نفيس للتبشير و الدعوة الى دين التوحيد دين السلام و الأمن دين التضامن و العطف دين الإخاء و الحرية و به يسترشد الضال و يتفقه الجاهل و يقام الأمت و الأود و يكون هو الفرد الأكمل لقوله تعالى: فَلَوْ لٰا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [3].

و لقد تخرج من هذه الجامعة مئات العلماء الاعلام الذين حازوا بفضل جدهم و سعيهم أقصى مراتب الاجتهاد و آثارهم في الفقه و الأصول و العقائد و التفسير و الفلسفة و الرجال كلها موجودة احتفظت بها رجال العلم و الأدب و قد سدت فراغا كبيرا في المكتبة العربية.

و الفضل في نشرها و تسهيل الوصول إليها يعود إلى الأمة الفارسية المركزة على التشيع الصحيح فإنها التي أخرجت من المطابع آلافا منها في مختلف الفنون و لو لا هذه الأمة الساهرة لما فيه حياة المذهب لانهار التشيع من أصله لا زالت مكلوءة بنظرات رحيمة من (حجة العصر) (عجل اللّٰه فرجه) و لما أجاب شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي داعي السماء في سنة


[1] كامل ابن الأثير ج 9 ص 61 و ص 71 و ص 222.

[2] كامل ابن الأثير ج 9 ص 69 و ص 71 و المنتظم ج 7 ص 238.

[3] التوبة: 122

نام کتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى نویسنده : الغروي، الشيخ علي    جلد : 1  صفحه : 10
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست