نام کتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى نویسنده : الغروي، الشيخ علي جلد : 1 صفحه : 1
[مقدمة التحقيق]
تاريخ الاجتهاد
لقد كانت الأمم تترامى بهم أمواج الضلال فلا ينقذون من هوة الهوان الا و يقذفون الى أعمق منها سادت فيهم الفوضى و طنبت عليهم العادات الخرافية و حكمتهم النواميس المخزية فمن دماء مهدورة و غارات متتابعة و أخلاق وحشية و نظم مهتوكة و سبيل الأمن شائك و سير الإنسانية متقهقر يعبدون الحجارة و يشربون الرنق و يقتاتون القد، اذلة خاسئين، يخافون أن يتخطفهم الناس.
فظهر بينهم الرسول الأقدس «محمد» (صلى اللّٰه عليه و آله) حاملا مصباح الهداية هاتفا بما فيه حياة البشر عامة من الطقوس الراقية و التعاليم الإلهية و النظم المقدسة فأبطل مسعى الإلحاد و تفككت عرى الوثنية و اندحرت عادات الجاهلية و كان دستوره المتكفل للعز الخالد.
الكتاب المجيد
فإنه منبع المعارف و العلوم فاستعان به علماء العربية و فقهاء الشريعة و اتخذه الفرق الإسلامية للتدليل على ما ذهبوا اليه و ركن إليه الفلاسفة و أساتذة الطب في المهم من هذه المباحث.
و قد جمع الصحابة كتاب اللّٰه بتمامه في إضبارة خاصة أيام صاحب الدعوة الإلهية بأمر منه (صلوات اللّٰه عليه و آله)[1] فان تركه هذا القانون الموحى به إليه في الجرائد و العظام كما عليه المزاعم معرض للتلف و الزيادة و النقصان مع انه متكفل لأنظمة حياة الأمم و سعادتها فرسول السماء المبعوث للإصلاح لا يستسيغ ترك القران متفرقا بين الصبيان و النساء.
و لم يختلف اثنان في جمع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) لكتاب اللّٰه على حسب النزول [2] و قد رأى ابن النديم مصحفا بخط على (ع) عند أبي يعلى حمزة الحسيني يتوارثه بنو الحسن [3] كما ختم جماعة من الصحابة القران عدة مرات على النبي (ص)[4] و يحدث محمد بن كعب القرظي ان علي بن أبي طالب و عثمان و ابن مسعود ختموا القرآن و رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه و آله) حي [5].
و ابن العربي المالكي الأندلسي لم يتأخر عما عليه صحيح الأحاديث من جمع القران بتمامه أيام النبي (ص) و بأمر منه فيقول كان تأليف القران ينزل من عند اللّٰه تعالى فيبينه النبي لكتابه و يميزه لأصحابه و يرتبه على أبوابه إلا براءة فإنه لم يذكر لهم شيئا ليتبين للخلق ان اللّٰه تعالى يفعل ما يشاء [6] و حديث انس بن مالك ينص على ان أربعة من الصحابة جمعوا القران على عهد رسول اللّٰه (ص) و هم معاذ بن جبل و زيد بن ثابت و أبو زيد أحد عمومته و اختلفت الرواية عنه في الرابع هل هو أبو الدرداء أو أبي
[1] مستدرك الحاكم ج 2 ص 611 و مسند الطيالسي ص 270 و المحبر لابن حبيب ص 286 و تاريخ الشام ج 7 ص 210 و فتح الباري ج 9 ص 440.
[2] فتح الباري ج 9 ص 43 و إرشاد الساري ج 7 ص 459 و عمدة القارئ للعيني ج 9 ص 304.