وجوه قرّرنا تفصيلها في مقدّمة الواجب من المجلّد الأول.
[تحديد أثر القول بوجوب الالتزام و حرمة المخالفة الالتزامية]
الجهة الخامسة: أنّه على القول بوجوب الالتزام و حرمة المخالفة الالتزامية، أعني وجوب البناء على التخيير في الحكم المردّد بين المحذورين، و حرمة الفتوى بحكم مخالف للحكمين، فهل يصحّ ترتيب الآثار المختصّة على الواجب إذا اختار المكلّف جانب الفعل، أو الآثار المختصّة بالحرام إذا اختار المكلّف جانب الترك، أم لا يصحّ ذلك، و لا أثر للحكم المردّد بين الوجوب و الحرمة سوى حرمة الخروج عنهما بسبب الفتوى بالإباحة، و لزوم البناء على التخيير و الأخذ بأحدهما من باب اللابدّية و عدم إمكان الالتزام في مثله بأزيد من ذلك؟ وجهان.
أقواهما الأخير؛ لأنّ المفروض عدم إحراز الوجوب خاصّة و لا الحرمة كذلك حتى يترتّب عليهما الآثار المترتّبة على الواجب و الحرام. مثلا لو نذر درهما لمن أتى بواجب فاختار المكلّف في صورة دوران الأمر بين الواجب و الحرام جانب الفعل، و أتى بما يحتمل وجوبه في الواقع لم يبرأ بدفع الدرهم إليه.
و كذا لو اختار جانب الترك فتركه فإنّه لا يحصل البرء بدفع الدرهم المنذور دفعه إلى تارك الحرام إليه، و هكذا بالنسبة إلى سائر الآثار الخاصّة.
[الأقوال في مسألة وجوب الالتزام بالحكم المعيّن و عدمه]
و إذ قد عرفت تحرير محلّ النزاع من الجهات الستّة المذكورة، فاعلم: أنّ في جواز المخالفة الالتزامية و حرمتها وجوه، ثالثها: التفصيل بين الشبهة الواحدة التي لم تتعدّد فيها الواقعة فيجوز، و بين غيرها فلا. و هذا التفصيل و إن لم نقف على القول به إلّا أنّه وجه يحتمل القول به، بخلاف الوجهين الأوّلين.
و كيف كان، فأقوى الوجوه الجواز، و الأحوط المنع.
حجّة الجواز أصالة البراءة، و عدم الدليل على المنع عقلا و لا شرعا، و دليل العدم، حسبما في المتن تقرير كلّ واحد منها. [و تقريبه: أنّ المخالفة الالتزامية