الإجماع و الضرورة هو مجعولية المقطوع بصدورها عن المعصوم (عليه السلام) طريقا و أمّا الغير المقطوع بصدورها عن المعصوم ممّا نحن فيه من الأخبار فلم يثبت مجعوليتها طريقا للواقع، ليخصّص بها عمومات الكتاب و السنّة القطعية، فلعلّ الحوالة في تحصيل ما فيها من الأحكام الواقعية إلى الطريق العقلائي العامّ و هو الاحتياط و لو بالقدر الممكن.
[ردّ دعوى الماتن]
مدفوعة أولا: بأنّ هذا الاحتمال ممّا لم يحتمله أحد من علماء السلف و لا الخلف، مع أنّ المحتملين منهم لانسداد باب العلم في هذه الأزمان كثيرون، إذ ما من فرقة من فرق الإسلام إلّا و بناؤه مستقر على الاجتهاد و التقليد في تحصيل الأحكام في هذه الأيام المنسدّ فيه باب العلم بالأحكام، كما أنّ بناءهم مستقر على ذلك عند انفتاح باب العلم بالأحكام، و لو لا أنّ بقاء الطريق المجعول في الأحكام من المقدّمات المطوية في الأذهان لانسدّ باب الاجتهاد و التقليد و الإفتاء و الاستفتاء رأسا، و ساوى المجتهد للمقلدين العوام و العوام للمجتهدين الأعلام، لانحصار طريق الكلّ إلى الواقع في الاحتياط و عدم جواز التعرّض لتخصيص عمومات الكتاب و السنّة القطعية بشيء من الأدلّة الظنّية و إن وجب تطبيق العمل على وفقها و هو العمل بكلّ ما يحتمل المطلوبية رجاء تحصيل المكلّف به، و ترك كلّما يحتمل المبغوضية حذرا من الوقوع في غير المشروع من دون الافتاء بحرمة شيء، و لا وجوب شيء، بل و لا بإباحة شيء؛ لكون المفروض عدم الطريق له إلى الواقع في شيء من الأحكام فيعمل بها لا بعنوان أنّها مباحة في الواقع، بل لأجل خلوّها عن احتمال الوجوب و الحرمة و الاستحباب و الكراهة.
و خلوّ الفعل عن هذه الأحكام لا يستلزم الإباحة في الواقع، لجواز الخلوّ عنها أيضا كأفعال المجانين و الصبيان الخالية عن جميع الأحكام الواقعية، و هذا اللازم ممّا لم يلتزم به أحد من فرق الإسلام في العمل بالأحكام و إن التزموا