قوله: «و المسألة عقليّة، و المنقول عنه ليس حجّة في المقام ... إلخ».
[أقول:] و فيه: أوّلا: ما عرفت من أنّ المسألة ذات جهات لا يختصّ الكلام فيها بالجهة العقليّة إن لم نقل باختصاص الكلام فيها بالجهة الشرعية، كما هو صريح ما قاله في أوّل العنوان من أنّ الكلام في أنّ قطعه هذا هل هو حجّة عليه من قبل الشارع [1]؟ و مع ذلك فأيّ مانع من حجّية الإجماع المدّعى على جهتها الشرعيّة، أعني: حرمة الفعل المتجرّى به، لا على جهتها العقليّة، أعني: قبحه عقلا و عدمه حتى يمنع حجّية الإجماع فيه.
و ثانيا: أنّ معقد الإجماع المستدلّ به على حرمة مخالفة القطع إنّما هو حرمة مخالفة الظنّ بضيق الوقت، لا استلزام حرمتها لحرمة مخالفة القطع بالأولوية العقلية حتّى يمنع حجّية الإجماع على الملازمة العقلية لكونها مسألة عقلية.
و ثالثا: سلّمنا أنّ النزاع في المسألة متوجّه إلى جهتها العقليّة لا الشرعيّة، أو أنّ معقد الاجماع المفروض فيها هو الملازمة العقليّة لا ملزومها، و هو المسألة الشرعية.
إلّا أنّا نمنع اختصاص حجّية الإجماع بالإجماع في المسائل الشرعية- على تقدير تحقّقه في غيرها- نقضا بالإجماعات المحتجّ بها على حجّية خبر الواحد و سائر الأدلّة و الأمارات الظنّية، المستلزمة لحجّية القطع الحاصل منها بالأولوية العقلية.
فإن قلت: إنّ مرجع النزاع في حجّية شيء من الأدلّة إلى النزاع في وجوب العمل به من قبل الشارع، و هو مسألة شرعية، بخلاف النزاع في عصيان التجرّي و عدمه.