المكشوف عنه، و هو خبث الفاعل و سوء سريرته، و أيضا الكلام في قبح نفس ذلك الفعل الكاشف المقارن لعزم المخالفة، لا في قبح العزم المقارن لذلك الفعل.
و من هنا يعلم دفع ما لعلّه يتوهّم من المنافاة بين إنكار المصنّف في أوائل كلامه قبح التجرّي [1]، و بين إصراره على قبحه [2] في جواب صاحب الفصول، فإنّ إنكاره ناظر إلى إنكار حرمة الفعل المقارن لعزم المخالفة، و إصراره- ثانيا- ناظر إلى أحد القبحين الأخيرين.
[الأقوال في حكم مسألة التجرّي]
و إذ قد عرفت تشخيص المسألة، و تشخيص محلّ النزاع منها فاعلم: أنّهم اختلفوا في حكم المسألة على أقوال:
أحدها: ما اختاره المصنّف [3] تبعا لغير واحد من الأعلام من إناطة المعصية المترتّب عليها الحساب و العقاب بمصادفة الحرام الواقعي، لا بمجرّد التجرّي و إن لم يصادف الواقع.
ثانيها: ما عن بعضهم من إناطتها بالفعل المتجرّى به سواء صادف الحرام واقعا أم لم يصادف.
و ثالثها: ما عن السيّد صدر الدين من إناطتها بالمجموع المركّب من التجرّي و المصادفة للحرام، أعني بمجموع الفعل المصادف و المصادف، و هما شرب مقطوع الخمرية مع خمريّته الواقعية المصادفة له.
و رابعها: ما في الفصول و محصّل مرامه- على ما يظهر من كلامه [4] المنقول في المتن-: أنّ كلّا من التجرّي و المصادفة سبب مستقلّ في العصيان و الحرمة، لكن لا على وجه السببية الذاتية، بل على وجه تختلف بالوجوه و الاعتبار، فلا بدّ أن يلاحظ الجهة الواقعية من الحسن و القبح الذاتي، و الجهة الظاهرية الناشئة من