إن كان مع بقاء الواجب على صفة الوجوب في الواقع كان تناقضا و أمرا باجتماع الضدّين، و إلّا كان نقضا للغرض المنظور من الواجب، فاستحباب الواجب لا يتصوّر إلّا في مرحلة الظاهر و الاضطرار الآبي عند سياق الآية.
لا يقال: كما أنّ استحباب الحذر بخبر الواحد على إطلاقه غير معقول لأنّ خبر الواحد قد يشتمل على إيجاب شيء أو تحريمه، كذلك وجوب الحذر به على إطلاقه غير معقول؛ لأنّ خبر الواحد قد يشتمل على استحباب شيء أو كراهيته.
لأنّا نقول: القياس مع الفارق، فإنّ المراد من وجوب الحذر وجوب العمل على حسب الإنذار و مضمون المنذر به إن واجبا فواجب، و إن ندبا فندب، لا وجوب العمل بالمنذر به كيف ما كان كما توهّم.
قوله: «من قبيل الفائدة لا الغاية».
[الفرق بين الفائدة و الغاية]
[أقول:] و الفرق أنّ الفائدة للشيء من لوازمه القهريّة المترتّبة عليه، و الغاية من لوازمه المقصودة من إيجاد ذلك الشيء ترتّبه عليه، سواء كان من لوازمه القهريّة أيضا أم لا؟ فغاية الشيء و إن شاركت الفائدة في كون ذلك الشيء علّة وجود كلّ منهما إلّا أنّها تفارقها في كون الغاية علّة لإيجاد الشيء دون الفائدة.
قوله: «لإيجاب أصل النفور».
[تحقيق في دلالة آية النفر]
[أقول:] و إذا لم يكن التفقه غاية لإيجاب أصل النفر خاصّة لم يكن إرادة النفر إلى الجهاد من الآية منافيا لكون التفقّه غاية لإيجاب النفر على طائفة من كلّ قوم؛ إذ لا منافاة في أن يكون الفعل الواحد كالنفر علّة وجود معلولات عديدة كالجهاد و التفقّه، و كون كلّ من المعلولين غاية لإيجاد فعل واحد، و على ذلك يكون النفر واجبا لغايتين أحدهما الجهاد، و الاخرى التفقّه لا للجهاد خاصّة.
و لو سلّمنا كون نفر الفرقة النافرة لأجل الجهاد خاصّة إلّا أنّ لنا أن نقول