و نحن سنتعرّض لبسط الكلّ تفصيلا بعد الفراغ عن شرح بعض كلماته المتعلقة بتوجيه الاستدلال.
قوله: «بعد انسلاخه عن معنى الترجّي».
[أقول:] و ذلك أنّ الترجّي تارة يكون طلبا لحصول الفعل للمترجّي، كما قيل: أواظب على الدعاء له أثر، لعلّ اللّه يرزقني ولدا ذكرا، أو جاها عظيما، أو شأنا كبيرا، و اخرى للمترجّي له. و الغرض حينئذ إراءة الطريق لتحصيل المطلوب و الوصول إلى المحبوب كما قيل: در أبواب الدور لعلّك وصلت إلى خير موفور و تجارة لن تبور.
و هو بمعنييه على قواعد العدل محال عليه تعالى؛ لاستلزامه المراد الممتنع في حقّه تعالى، فهي غير باقية على معناها الحقيقيّ، بل منسلخة عنه و مستعارة باستعارة تمثيليّة تشبيها لحصول الخوف و الإطاعة مرّة و عدمه اخرى- لاختلاف تفاوت الإنذار علما أو ظنّا، أو المنذرين بالصدق و الكذب، أو المستمعين بالإطاعة و عدمها- بالترجّي الذي قد يحصل و قد لا يحصل، فاستعيرت بذلك باستعارة تمثيليّة: و هي ما كان وجهه منتزعا من متعدّد و شبّه الهيئة بالهيئة الاخرى، نحو: «في الصيف ضيّعت اللبن» للمخالف «و إنّي أراك تقدّم رجلا و تؤخّر اخرى» للمتردّد في أمر، و متى كثر استعماله سمّي مثلا.
[اشارة إلى الاستعارة التبعية و الأصلية]
ثمّ هل التجوّز في الاستعارة التمثيلية في المفرد و إن كان وجهها منتزعا من متعدّد، أو في المركّب؟ قولان، اختار أولهما المير ردّا على التفتازانيّ حيث اختار الثاني [1]، و لكن على أيّ من التقديرين فالاستعارة في ما نحن فيه من الاستعارة التبعيّة، لا الأصليّة.
و الأصليّة: ما كان التشبيه المعتبر فيه في نفس معنى المستعار و المستعار