الشيئين في الظاهر لا ينافي إطلاقه الواقعي، غاية الأمر ترديد ذلك الإطلاق باعتبار ترديد متعلّقه و هو غير مانع من ترتيب آثار الإطلاق عليه و معاملة المطلق معه.
نعم، لو كان مستند الخطاب المردّد دليلا لبيّا من عقل، أو إجماع لم يكن له إطلاق مانع من نهوض الدعوى المذكورة. و لكن النزاع لا يختصّ بهذا الفرض من الخطاب المردّد حتى يستظهر الفرق به بينه و بين الخطاب التفصيلي.
و بالجملة: لا وجه للتفرقة بين المسألتين في جعل إحداهما ذات وجه واحد، و الاخرى ذات وجوه عديدة، بل الحقّ اتّحادهما، و أنّ كلّ واحدة منهما ذات وجوه، بل ذات أقوال، كما جرت كلمات القدماء على الاتّحاد بينهما إلى زمان صاحب الحدائق، فإنّه أوّل من احتمل الفرق بينهما في الوجه [1]، على ما قيل.
[مخالفة الخطاب المردّد بين خطابين]
قوله: «و كان الوجه ما تقدّم من أنّ ... إلخ».
[أقول:] و توضيحه: أنّه لا تنافي بين الالتزام بالواقع و العمل بالأصل في الموضوع المشتبه، بخلاف التمسك بالأصل في الشبهات الحكمية؛ فإنّه بنفسه مناف مع الحكم الواقعي المعلوم إجمالا. مثلا يصحّ في المثال المتقدّم و هو المردّد بين الخمر، و الأجنبية أن يقال: الأصل عدم خمريّته، و عدم أجنبيّته، فيكون مباحا، و مع ذلك يلتزم بكلّية حرمة الخمر و حرمة الأجنبية، فإنّ الالتزام بكلّية هذه الكبرى لا يقتضي أزيد من الالتزام بالصغريات التي علم اندراجها تحت تلك الكلّية، أعني كلّية الكبرى، و أمّا الأشياء التي لم يعلم دخولها تحت تلك الكلّية- بل علم خروجها عن تحتها بالأصل و التمسك به- فلا يقتضي الالتزام بها أيضا.
[وجه جواز المخالفة في الشبهة الموضوعية من مفروض المسألة]
قوله: «و أنّ مرجع الإخراج الموضوعي إلى رفع الحكم المترتب ... إلخ».