المضمون، فمثل العمومات الدالّة على البراءة لا تكون مرجّحة حجّة [1] للخبر الدالّ على عدم التكليف واقعا؛ لأنّ مضمونه نفي التكليف في الظاهر، نعم تكون مرجّحة للخبر الدال على أصالة البراءة، مثل قوله (عليه السلام) «كل شيء مطلق ..» [2] بالنسبة إلى ما دلّ على الاحتياط مثل قوله (عليه السلام) «أخوك دينك ..» [3]، و هذا واضح بناء على اعتبار كون المرجّح مقوّيا لمضمون أحد الخبرين، نعم بناء على الترجيح بالأصل العملي يكون مرجّحا من حيث الكتابيّة، كما أنّه مرجّح من حيث إنّه أصل.
الثاني: [كما أنّ موافقة الكتاب من المرجّحات كذلك المخالفة له مرجّحة]
كما أنّ موافقة الكتاب من المرجّحات كذلك المخالفة له مرجّحة للخبر الآخر، فإذا فرضنا أنّ أحد الخبرين دلّ على حرمة شيء و الآخر على وجوبه، و كان الكتاب دالا على عدم الحرمة، و كان ساكتا عن أنّ الحكم هو الوجوب أو غيره فيقدم الثاني لعدم مخالفته للكتاب، و إذا فرض خبر آخر دالّ على الاستحباب؛ يسقط ما دلّ على الحرمة و يقع التعارض بين ما دلّ على الوجوب و ما دلّ على الاستحباب [4].
الثالث: [أحد الخبرين موافق لعموم كتابي و الآخر لعموم آخر]
إذا فرضنا أنّ أحد الخبرين موافق لعموم كتابي، و الآخر لعموم آخر فيسقط هذا المرجّح، إلا إذا علم منسوخيّة أحد العمومين، و لو فرض موافقة أحدهما لعام كتابي، و شكّ في موافقة الآخر لعام آخر و عدمها يرجّح الأول؛ لأنّ المرجح له معلوم و لكن لا بدّ من الفحص أولا كما هو واضح، و مع اليأس عن وجود عامّ يطابق الثاني يرجح الأول.
الرابع: [أحد الخبرين موافق لعام كتابي مخصص بالمجمل]
إذا وافق أحد الخبرين لعامّ كتابي مخصّص بالمجمل، بحيث سقط عن الحجيّة، لا يرجح بالموافقة المذكورة كما هو واضح.
الخامس: [أحد الخبرين موافقا لعام و الآخر موافقا لعام مخصّص للأول]
إذا كان أحد الخبرين موافقا لعام، و الآخر موافقا لعام مخصّص للأول،
[2] هذه مرسلة الفقيه و هي «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي»: 1/ 317 و فى طبعة أخرى ص 208 حديث 937، و انظر الوسائل: 6/ الباب 19 من أبواب القنوت حديث 3.
[3] أمالي الشيخ المفيد: 110، حديث 168، وسائل الشيعة: 27/ الباب 12 من أبواب صفات القاضي، حديث 41.
[4] و لا يشكل لمنع التعارض بأنّهما في سياق واحد و بينهما سنخيّة، و الوجه أنّ الوجوب بمفاد المصلحة الملزمة المانعة عن الترك «أي بشرط شيء أو بشرط لا» بينما الاستحباب بمفاد المصلحة غير الملزمة بالترك «أي بمفاد اللابشرط».