و الأصل إرادة [1] بيان الحكم الواقعي؛ لأنّ الظاهر من حال المتكلّم ذلك، و هذا الأصل غير أصالة الحقيقة المقطوع بعدم إرادتها بالفرض، كما لا يخفى.
مضافا إلى إمكان دعوى أشيعيّة [2] المجاز من التقيّة في الأخبار؛ بل يمكن أن يقال: إنّه إذا كان ذلك في الخبرين المتعارضين فهو راجع إلى الجمع الدلالي المقدّم على الرجوع إلى المرجّحات، و إن كان يمكن منعه؛ لأنّ مجرّد العلم بعدم إرادة الظاهر لا يخرج الخبرين عن التعارض الذي هو ملاك الجمع الدلالي، إذ المسلّم منه ما إذا كان أحد الخبرين نصّا أو أظهر من حيث هو، و الآخر ظاهرا كذلك، لا بملاحظة حصول العلم من الخارج بعدم إرادة ظاهره على أنّه حكم اللّه الواقعي، كما هو المفروض.
و على ما ذكرنا فمورد الترجيح بمخالفة العامّة، و الحمل على التقيّة إنّما هو فيما لم يعلم عدم إرادة الظاهر من الخبر الموافق، بأن يكون كلّ من الخبرين محتمل التأويل و العدم، و زيادة [3] احتمال التقيّة في الخبر الموافق، و المقام ليس كذلك، لا لعدم احتمال التأويل في المخالف؛ لأنّه أيضا محتمل له في حدّ نفسه؛ بل للعلم بعدم إرادة الظاهر في الموافق، فتعين [4] التأويل فيه، أو حمله على التقيّة، فيبقى الخبر الآخر لا مانع من الأخذ بظاهره، و هذا بخلاف ما إذا لم يعلم عدم إرادة ظاهره، فإنّه لا يتعيّن فيه طرح الظاهر، ليبقى الآخر بلا معارض، فيجب إعمال المرجّحات فتدبّر.
الأمر الثامن: [هل يشترط شذوذ الخبر الموافق في الترجيح بمخالفة العامّة]
حكي عن المفيد (قدس سره) أنّ الترجيح بمخالفة العامّة إنّما يكون إذا كان الخبر الموافق شاذا و المخالف معمولا به عليه [5] بين الأصحاب، و هذا الكلام بظاهره مختلّ النظام، إذ لو أريد من الشاذّ ما لا يكون بالغا حدّ الحجيّة بأن يكون موهونا بإعراض