المضمون الظاهر من الخبر صادرا عن الإمام (عليه السلام)، و لا يتفاوت- في كون هذا متضمنا للمفسدة أو الكفر أو عدمه- بين أن يكون عدم إرادة الظاهر من جهة التقيّة في أصل الصدور، أو من جهة التأويل في الظهور.
فلنا أن نقول: لو كان عمدة التنافي إرادة خلاف الظواهر [1] لم يكن في إنكار كونه من الإمام (عليه السلام) مفسدة، و كيف كان؛ فظهر أنّ الحقّ ما ذكره صاحب الحدائق من أنّ عمدة الاختلاف هي التقيّة، و أنّها لا تختص بصورة الموافقة للعامّة، و إن كان الحمل عليها في مقام الترجيح لا يكون إلا مع موافقة أحد الخبرين لهم، و ليس غرضه أنّ الحمل عليها في مقام الترجيح لا يشترط بموافقة العامّة، فلا وقع لما أورده عليه بعض الأساطين- و هو الوحيد البهبهاني على ما أشرنا إليه- بما مرّ، بل لا وقع لسائر ما أورد على هذا الكلام؛ فراجع فوائده الجديدة [2] حيث نقل كلامه و أورد عليه بأربعة إيرادات يطول الكلام بذكرها و دفعها.
الأمر الرابع: [كيفيّة تحقق الموافقة و المخالفة للعامّة]
موافقة العامّة تارة تكون بملاحظة أقوالهم كما هو الظاهر من (قوله (عليه السلام)[3] ترك ما وافقهم، و قوله (عليه السلام) «خذ ما خالف القوم- أو- العامّة»، و تارة يكون بملاحظة أخبارهم و إن لم تكن معمولا بها بينهم، و يدلّ على الترجيح بهذا الوجه بعض الأخبار المتقدمة، إذا لم يحمل على الغالب من موافقة عملهم، أو عمل بعضهم بمقتضى ذلك الخبر، و تارة تكون بملاحظة ميل حكّامهم- على ما يستفاد من المقبولة-، و تارة يكون بملاحظة مطابقة [4] الخبر لقواعدهم أو شباهته لأقوالهم في كيفيّة البيان، من اشتماله على وجه استحساني أو قياسي أو نحو ذلك؛ على ما يستفاد من قوله (عليه السلام) «ما سمعتم منّي .. إلى آخره»، و هل يعتبر في الترجيح بالوجه الأول موافقة أقوال جميعهم أو يكفي البعض أو الأكثر بحيث يصدق الاستغراق العرفي و حينئذ [5]؛