لأنّ كتب المتقدمين كلّها مقصورة على نقل الأخبار، و لتفرق الأصحاب و انزوائهم في زوايا التقيّة في أكثر البلدان، و إن أريد في الرواية؛ بمعنى أن يكون مجمعا عليه في الأصول المرويّة المكتوبة عنهم (عليهم السلام) ففيه أنّها قد اشتملت على الأخبار المتخالفة و الأحاديث المتنافية، فهي مشتركة في الوصف المذكور، و حينئذ فمتى تعذّر معرفة هذه الضوابط الثلاثة المذكورة على الحقيقة فكيف يتيسر العرض عليها أو الرجوع إليها، فالمعتمد عليها ربّما يقع في المخالفة من حيث لا يشعر، و تزلّ قدمه من حيث لا يبصر، و الحال أنّهم رخّصوا لنا في الأخذ من باب الردّ إليهم، و التسليم لأمرهم (عليهم السلام)، فلا شيء أسلم من الأخذ بما وسّعوا فيه، فإنّ فيه تحرزا عن القول على اللّه سبحانه بغير علم، و تخلّصا من التهجم على الأحكام بغير بصيرة و فهم .. انتهى.
أقول: و أنت- بعد ملاحظة ما قدمناه- خبير بمواقع النظر في كلامه، و أنّه لا وجه لترك الرجوع إلى هذه المرجّحات، بل و لا غيرها من المنصوصات حسبما عرفتها، و عرفت الدليل عليها، ثمّ إنّ هذا كلّه [1] مزيّة، و الغرض أنّ المتعبّد بما في الأخبار أيضا لا ينبغي أن يقتصر على البعض، بل يجب عليه اعتبار جميع ما استفيد من الأخبار.
بقي هنا أمران:
الأول: [اعتبار الترتيب بين المرجحات و عدمه]
هل الترتيب المذكور في الأخبار معتبر بين المرجّحات المذكورة أو لا؟.
إن قلنا بالتعدي عن المنصوصات من جهة حمل الأخبار على المثال؛ فلا يعتبر، بل المدار على الأقوى منها، و يكون الترتيب المذكور ترتيبا ذكريا؛ لأنّ المقصود تعدادها و الأقوائيّة مختلفة في المقامات.
نعم؛ يبقى الكلام في أنّ أيّا منها أقوى نوعا؟ و سيأتي الكلام فيه بقول كلّيّ عند البحث عن تعارض بعض المرجحات مع بعض [2]، نعم لو تعدّينا عن المرجحات
[1] جاء بعده في نسخة (د): مع الإغماض عن الدليل على التعذر عن المرجحات المنصوصة و أنّ المستفاد من الأخبار الترجيح بكل ...