لا يحضره الفقيه في الجمع بين الأخبار، و الظاهر أنّه أراد بالمفسّر المخصص و المقيّد و المبين و المفصل و نحوها، و بالمجمل خلافها، و هذه المرسلة أيضا لا دخل لها بمقامنا، فلا ينبغي عدّها في أخبار التراجيح في المقام أيضا.
نعم يمكن أن يؤيد الأخبار الدالة على وجوب الأخذ بموافقة الكتاب و طرح المخالف بما دلّ من الأخبار الكثيرة على أنّ الخبر المخالف للكتاب باطل و زخرف [1] و أنّه يضرب على [2] عرض الجدار [3]؛ فإنّها لعمومها شاملة للمقام، هذا ما وقفنا عليه من الأخبار الدالّة على وجوب الترجيح.
و ادّعى بعض الأفاضل ورود روايات كثيرة دالّة على وجوب الأخذ بما وافق ما علم من أحاديث الإماميّة، و نقل عن الفاضل الجزائري [4] أنّه عمل في هذا الباب رسالة مبسوطة غاية البسط، فعلى هذا يكون من المرجّحات المنصوصة موافقة الأخبار المعلومة، و يمكن استفادتهما من بعض الأخبار السابقة حسبما أشرنا إليه.
ثمّ إنهم أوردوا على التمسك بهذه الروايات إيرادات بعضها عامّة و بعضها خاصة ببعضها، و بعضها في الحقيقة إيراد على بعض المرجّحات المذكورة، و أنّه لا يصلح مرجحا، و من هذه الجهة طرحوا الأخبار، فمنهم من بنى على العمل بمطلق الظن في مقام الترجيح و جعله بمقتضى القاعدة، و منهم من حكم بالتخيير مطلقا، و السيد الشارح للوافية- بعد إيراد بعض هذه الإشكالات- حمل الترجيحات المذكورة في الأخبار على الاستحباب.
و قد يقال: إنّ هذه الإشكالات منشأ عدم ذكر القدماء لهذه الأخبار و الاعتماد عليها في الترجيح، و تمسكهم في وجوبه بأدلّة أخرى حسبما مرّت سابقا، و كيف كان؛ فنحن نشير إلى تلك الإشكالات و نجيب عنها حسب المقدور، فنقول:
من الاشكالات العامة: [الموردة على روايات الترجيح]
أنّ هذه الأخبار كلّها ضعيفة السند عدا واحد منها ممّا دلّ على الأخذ بالأحدث، هذا مع أنّ المسألة أصوليّة، و يعتبر فيها العلم، و لا يكفي
[1] الكافي: 1/ 55، وسائل الشيعة: 27/ باب 9 من أبواب صفات القاضي، حديث 12- 14.