الأمر كذا [1] من غير إسناد إلى النقل، و لذا يجرون أحكام التراجيح في جميع هذه المذكورات، فتدبّر.
الثامن: [قد يقال إنّ البحث عن أحكام التعادل قليل الثمر]
قد يقال إنّ البحث عن أحكام التعادل قليل الثمر لندرة وجود الخبرين المتعارضين المتعادلين بل يمكن أن يحكم بعدم وجوده.
قلت: هو كذلك بناء على التعدي عن المرجّحات المنصوصة و الحكم بالترجيح لكل ما يوجب الأقربيّة إلى الواقع، لكن مع عدم التعدي فليس كذلك خصوصا بالنسبة إلى ما يستفاد من الأخبار ممّا لم يتعرض لها الفقهاء أصلا من الفروع و الأحكام التي لا يمكن تحصيل الظن بها من الشهرة و الشذوذ .. و نحوهما.
هذا و لكن ينافي ذلك كثرة الأخبار الواردة في التخيير فإنّه يبعد صدور هذه الأخبار مع عدم المورد لها أو قلّة المورد [2] فيكشف هذا إمّا عن التعدي عن المرجّحات المنصوبة [3] أو كون الترجيح على وجه الاستحباب كما قد يقال، أو نحو ذلك، و قد يقال- في وجه عدم الثمر أو قلّته- إنّ العلماء لم يحكموا [4] في موضع من المواضع من جهة التعارض و العمل بهذه الأخبار، بل في كل مورد حكموا به فقد حكموا بالتخيير الواقعي، مثل مسألة منزوحات البئر و ذكر سجود اللّه [5] معه و نحو ذلك، و ليس ببعيد؛ لأنّ التنافي بين وجوب كل منها بعد وحدة الحكم و التكليف إنّما هو الاطلاق و التقييد بناء على ما هو التحقيق من كون التعيين أي الوجوب العيني مستفادا من إطلاق الأمر لا من حاقّ المدلول، فعلى هذا يمكن [6] الحكم بالتخيير الواقعي مقتضى الجمع بين الخبرين فلا يكون من مورد التخيير من جهة الأخبار.