على المجتهد الاجتهاد في تحصيله، و على المقلّد التقليد فيه .. و هكذا في مؤدّيات القطع و الظن و الأدلة الظنيّة مع المخالفة للواقع، فقبل حصولها [1] كلّ منهما مكلّف بالواقع فقط، و تحصيل العلم أيضا واجب؛ لأجل تحصيل الواقع لا لأجل تحصيلها، إذ شرط حدوثها [2] الأمور المذكورة، و لا وجود لها قبلها حتى يجب تحصيلها، و بعد حدوثها يحدث التكليف و تحصل الشركة، و يجيء وجوب التقليد.
الثاني: [في كون الأحكام الأصوليّة مثل الفرعيّة]
في كون الأحكام الأصوليّة مثل الفرعيّة في اشتراك المجتهد و المقلّد فيها وجوه [3]:
أحدها: الاشتراك؛ فالعامي أيضا مكلّف بالعمل بالأدلّة و تحصيلها، و بالعمل بجميع المباني اللغويّة و العرفيّة و الشرعيّة مثلا، كما أنّ المجتهد مكلّف بالعمل بخبر العادل و بقول اللغوي في أنّ الصعيد وجه الأرض، و بتقديم العرف على اللغة و بالأرجح من المتعارضين و بإجراء الاستصحاب و سائر الأصول و مواردها .. و هكذا؛ كذلك العامي، غاية الأمر أنّه عاجز عن تشخيصها، فينوب عنه المجتهد [4]، و ذلك لأنّها أحكام شرعيّة إلهيّة، و جميع المكلّفين فيها شرع سواء، و حكم اللّه في الأولين و الآخرين سواء، و «حكمي على الواحد حكمي على الجماعة» [5] من غير فرق بين مباني الأحكام الظاهريّة و الواقعيّة [6].
الثاني: اختصاصها بالمجتهد و لا تكليف للعامي إلا في الفرعيّات، و هي مؤديات الأدلّة و المباني الأصوليّة بتفاصيلها؛ لعجز المقلّد عن تحصيلها، و العاجز غير مكلّف
[1] في نسخة (ب): حصولهما، و على ما في المتن يكون المراد: قبل حصول القطع و الظن و الأدلة الظنيّة.
[6] جاء بعدها في نسخة (د): و هكذا كذلك العامي غاية الأمر أنّه عاجز في تشخيصها فينوب عنه المجتهد، و بإجراء الاستصحاب و سائر الأصول في مواردها ..، أقول: هذه العبارة هي التي كانت قد سقطت عن موردها ممّا أشرنا له في الهامش السابق.