لا إشكال في أنّه- على المختار- يقضي القاضي إذا كان مستند حكمه الخبرين المتعارضين بما اختار، و لا يخير المتخاصمين سواء كانا مجتهدين أو مقلّدين له أو لغيره، و إن كان مختار كلّ منهما.
و لو قيل هذه الواقعة خلاف ما اختاره القاضي فهو نظير ما لو كان كلّ منهما مجتهدا عاملا بخبر بلا معارض عنده، فإنّه في مقام المرافعة يجب عليهما العمل بفتوى الحاكم و إن كان أحدهما أو كلاهما أعلم منه، نعم في صورة كون أحدهما مقلّدا و الآخر مجتهدا أعلم من القاضي يمكن أن يقال يجب عليه العمل بمقتضى فتوى ذلك الأعلم لا القاضي إذا قلنا تقليد [1] الأعلم واجب فعلى القاضي أن يأمره بالعمل بمقتضى فتوى صاحبه؛ لأنّه الحكم في حقه دون فتوى القاضي، و إن كان الحكم الشرعي الواقعي بنظر القاضي فتوى نفسه .. فتأمّل!.
فإنّه [2] مع صدق الترافع و التخاصم المدار على مذهب القاضي، خصوصا إذا كان الاختلاف في مجرّد أخذ أحدهما- أي القاضي و ذلك المجتهد الأعلم- بأحد الخبرين و الآخر بالآخر.
و أمّا المفتي فكذلك في عمل نفسه غير المتعلق بغيره كعباداته، أو المتعلّق بغيره إذا كان الغير تابعا صرفا، كما لو نذر- على وجه يكون مورد التعارض الخبرين صحة و بطلانا- أو كان أحدهما دالّا على أنّ ماله يجب فيه الخمس و الآخر على أنّه لا يجب، فإنّه له أن يختار كلّا من الخبرين و ليس للفقير معارضته في ذلك، و هو واضح.
و أمّا عمله المتعلّق بالغير على وجه الشركة فلا يجوز له التعيين، فلو فرضنا أنّه أوقع معاملة معاطاتيّة، و ورد فيها روايتان:
إحداهما تدلّ على الفساد، و الأخرى على الصحّة؛ فلا يجوز له اختيار إحداهما بدون رضا شريكه، و كذا لو ورد روايتان إحداهما [3] على أنّ الحبوة للأكبر من حيث
[1] في نسخة (ب) و (د) هكذا: إذا قلنا إنّ تقليد ...