ثمّ ما اختاره من التوجيه خلاف صريح كلام المحقق كما عرفت، مع أنّه قائل بالتخيير حتى في مورد لا تجري البراءة، كالأخبار الواردة في حقوق الناس و الفروج و الدماء و نحوها .. و لا يمكن بأن يكون من جهة البراءة؛ و هذا واضح.
ثمّ إنّ الحق من الوجوه المذكورة هو التخيير؛ لأنّه مقتضي الجمع بين الأخبار المختلفة في المقام، لأنّ الجمع بينها و إن كان يمكن بوجوه، إلا أنّ وجهها أحد الثلاثة التي نتيجتها التخيير و تقديم أخباره.
بيان ذلك: إنّ هاهنا طوائف من الأخبار:
[طوائف الأخبار]
[الطائفة الأولى]:
منها: مرفوعة زرارة [1] الدالّة على الأخذ بالخبر الموافق للاحتياط بعد فقد المرجّحات، و مع موافقتهما أو مخالفتهما له فالتخيير، و عدّ هذه طائفة مستقلة بناء على كون الاحتياط المذكور فيها مرجعا أوليّا [2]، و التخيير مرجعا ثانويا بعد الأول، و أمّا بناء على كون موافقة أحد الخبرين للاحتياط مرجعا [3] له فهي من أخبار التخيير، غاية الأمر أنّها زادت على المرجّحات مرجّحا آخر و هو الاحتياط الموافق لأحدهما.
[الطائفة الثانية]:
و منها: ما دلّ على التخيير؛ و هو أخبار:
منها: المرفوعة على الوجه الثاني.
و منها: الخبر المروي في الاحتجاج [4] عن الحميري عن الصاحب (عليه السلام) في استحباب التكبير بعد التشهد في الركعة الثانية، حيث قال (عليه السلام) في ذلك حديثا .. إلى أن قال: «.. و بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك».
و الإشكال فيه من جهة أنّ وظيفة الإمام (عليه السلام) ليس إلا بيان حكم الواقعة لا بيان