الأخذ بأصالة الحقيقة في دليل واحد أولى من الأخذ بمجازين في دليلين، بل كلام العلّامة كالصريح في ذلك؛ حيث قال:
إنّ في الطرح أخذ بدلالة أصليّة و تبعيّة من دليل، و ذلك لأنّه لا يمكن أن يحمل اللفظ على حقيقته، و هي الدلالة الأصليّة و مجازه و هو الدلالة التبعيّة في استعمال واحد، فيعلم من ذلك أنّ مراده أنّه إذا بنى على العمل بأحد الدليلين فقد أخذ بتمام معناه و ببعضه في ضمنه، و هذا أولى من الأخذ بالبعضين من دليلين.
الثالث: [1] [ما عن الشهيد من أنّ الأصل في الدليلين الإعمال]
ما عن الشهيد السعيد (قدس سره) في التمهيد [2] من أنّ الأصل في الدليلين الإعمال فيجمع بينهما مهما أمكن، لاستحالة الترجيح بلا مرجّح، و استشكل عليه:
أوّلا: بأنّ قوله «لاستحالة .. الخ» مستغنى عنه، و أنّه لا يناسب علّة لشيء ممّا ذكره.
ثانيا: بما في القوانين [3] من أنّ المفروض عدم ملاحظة.
الترجيح [4] بناء على الجمع و إلّا فهو موجود في بعض الصور.
و أجيب عن الأول:
تارة بأنّ قوله (لاستحالة ..) علّة لقوله (الأصل في الدليلين الإعمال ..) فيكون غرضه أنّه لو لم يعمل بهما و طرح أحدهما يلزم الترجيح بلا مرجّح، و أنت خبير بأن هذا لا ينفع في قبال طرح كليهما أو التخيير بينهما.
و تارة بأنّه علّة لوجوب الجمع المستفاد من قوله فيجمع بينهما فيكون الغرض أنه لو لم يحكم بوجوب الجمع و حكم بالتخيير [5] بينه و بين الأخذ بأحدهما يلزم الترجيح بلا مرجح على فرض الأخذ بأحدهما و فيه ما لا يخفى من البعد، مع أنّه